للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وسمعه تسبيح الجبال، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾ [ص: ١٨]، والمخلوقات أجمع، قال تَعَالَى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [الإسراء: ٤٤].

أنه سُبْحَانَهُ يسمع الأصوات على اختلاف أحوالها، فيسمعها سواء أكانت جهرًا أم سرًّا أم حديث نفس، ظاهرة أم باطنة، جلية أم خفية، فالكل عنده سواء، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠] (١)، وقال منكرًا على من زعم من المشركين وغيرهم أنه لا يسمع السر والنجوى، قال تَعَالَى: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف: ٨٠] (٢).

وعن أبي موسى الأشعري ، قال: «كنا مع النبي في سفر، فكنا إذا علونا كبرنا، فقال: ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا» (٣).

وقوله : «ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ» أي: ارفقوا بأنفسكم، ولا تكلفوها رفع الصوت؛ إذ لا حاجة له، فإن من تكبرون سميع بصير، يسمع الأصوات الخفية، كما يسمع الأصوات الجلية، قريب من كل متكلم يسمع كل ما ينطق به ويتفوه، أقرب إليه من حبل الوريد (٤).


(١) ينظر: المرجع السابق.
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٧٧٠)، النهج الأسمى، للنجدي (١/ ٢٣١)، فقه الأسماء الحسنى، للبدر (ص: ١٤٧).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) ينظر: تفسير الطبري (٢٠/ ٤٢٠)، شرح النووي على مسلم (١٧/ ٢٦)، فتح الباري، لابن حجر (٦/ ١٣٥)، فقه الأسماء الحسنى، للبدر (ص: ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>