ومن هذا الباب: شُرع سجود الشكر عند تجدد النعم أو اندفاع النقم، سواء كانت عامة أو خاصة، وذلك بأن يخر المسلم لله ساجدًا، فيضع أشرف عضو من أعضائه- وهو الوجه - على الأرض، ويذكر الله ربه في هذا السجود، وهو على هذه الحال بأنواع الذكر من الشكر والتسبيح والدعاء والاستغفار وغيرها، فيكون قد شكر المنعم ﵀ بهذا السجود بقلبه ولسانه وجوارحه، وقد ثبت في قصة كعب بن مالك ﵁ أنه لما جاءه البشير بتوبة الله عليه خر ساجدًا لله تَعَالَى (١).
خامسًا: تحقيق مرتبة الشكر لله تعالى:
لا بد للعبد- ليكون من الشاكرين- أن يستحضر عدة أمور ويستشعرها، ويحرص أن لا تغيب عن ذهنه، ومنها:
التفكر في نعم الله تَعَالَى واستحضارها وتذكرها؛ فالإنسان في كل حالة من أحواله في نعمة، بل لا يمر عليه لحظة في حياته إلا وهو يتقلب في نعم الله تَعَالَى، واستحضار هذه النعم والوقوف عليها يوجه انتباهه لنعم كثيرة كان غافلًا عنها فيزداد شكرًا لله تَعَالَى، وفي هذا استجابة لأمر الله تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ [فاطر: ٣].
النظر إلى من هو أقل في أمور الدنيا؛ إن نظر الإنسان إلى من هو دونه في الدنيا يجعله يعلم ويستعظم ما أعطاه الله تَعَالَى وفضله به من نعم على غيره، فمن كان دخله مئتين فلينظر إلى من دخله مئة، ومن كان بعين واحدة فلينظر إلى من فقد كلتا عينيه، ومن كان مريضًا بمرض واحد فلينظر إلى من مرض
(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٤٤١٨)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٧٦٩).