﷿: تعظيم أمره ونهيه … وإنما يكون ذلك بتعظيم أمر الله ﷿ واتباعه، وتعظيم نهيه واجتنابه، فيكون تعظيم المؤمن لأمر الله تَعَالَى ونهيه دالًّا على تعظيمه لصاحب الأمر والنهي، ويكون بحسب هذا التعظيم من الأبرار المشهود لهم بالإيمان والتصديق، وصحة العقيدة، والبراءة من النفاق؛ فإن الرجل قد يتعاطى فعل الأمر لنظر الخلق، وطلب المنزلة والجاه عندهم، ويتقي المناهي خشية سقوطه من أعينهم، وخشية العقوبات الدنيوية من الحدود التي رتبها الشارع على المناهي، فهذا ليس فعله وتركه صادرًا عن تعظيم الأمر والنهي، ولا تعظيم الآمر والناهي.
ومن علامات التعظيم للأوامر: رعاية أوقاتها وحدودها، والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها، والحرص على تحينها في أوقاتها، والمسارعة إليها عند وجوبها، والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها؛ كمن يحزن على فوت الجماعة، ويعلم أنه لو تُقُبِّلَت منه صلاته منفردًا؛ فإنه قد فاته سبعة وعشرون ضعفًا، ولو أن رجلًا يعاني البيع والشراء تفوته صفقة واحدة في بلده من غير سفر ولا مشقة قيمتها سبعة وعشرون دينارًا لأكل يديه ندمًا وأسفًا، فكيف وكل ضِعف مما تضاعف به صلاة الجماعة خير من ألف، وألف ألف، وما شاء الله تَعَالَى، فإذا فوت العبد عليه هذا الربح قطعًا، وهو بارد القلب فارغ من هذه المصيبة غير مرتاع لها، فهذا من عدم تعظيم أمر الله تَعَالَى في قلبه.
وكذلك إذا فاته أول الوقت الذي هو رضوان الله تَعَالَى، أو فاته الصف الأول، وكذلك فوت الخشوع في الصلاة، وحضور القلب فيها.
وينبغي أن يعلم أن سائر الأعمال تجري هذا المجرى، فتفاضل الأعمال