للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا في رسول الله أسوة حسنة، ومن تأمل في السيرة النبوية وجدها مليئة بنماذج، يتجلى فيها عفو النبي فيما يتعلق بحق نفسه، ولا يغضب من أجلها، ومن هذه النماذج:

عفوه عن رجل قد هم بقتله، فعن جابر بن عبد الله قال: «قَاتَلَ رَسُولُ اللهِ مُحَارِبَ خَصَفَةَ بِنَخْلٍ فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: اللهُ، فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ، قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لَا أُقَاتِلَكَ، وَلَا أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ فَخَلَّى سَبِيلَهُ قَالَ: فَذَهَبَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ: قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ» (١).

عفوه عن امرأة يهودية، تضع سمًّا في طعامه، وعندما أصيب النبي بهذا السم نهى عن قتلها، فعن أنس بن مالك : «أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا، فَقِيلَ: أَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: لَا. فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللهِ » (٢).

عفوه عن قاتل عمه، عن ابن عباس ، قال: «لمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ عَنْ قَتْلَى أُحُدٍ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ فَرَأَى مَنْظَرًا أَسَاءَهُ؛ رَأَى حَمْزَةَ قَدْ شُقَّ بَطْنُهُ، وَاصْطُلِمَ أَنْفُهُ، وَجُدِعَتْ أُذُنَاهُ، فَقَالَ:


(١) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (١٥١٥٩)، وأبو يعلى، رقم الحديث: (١٧٧٨)، وابن حبان، رقم الحديث: (٢٨٨٣)، حكم الألباني: صحيح، التعليقات الحسان، رقم الحديث: (٢٨٧٢).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٢٦١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>