للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ الْمَرَّاتِ (٣)، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ؟ فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ» (١).

استشعار الحاجة لعفو الله ورحمته ومغفرته، يقول ابن القيم في ذلك: «اعلم أن لك ذنوبًا بينك وبين الله تخاف عواقبها، وترجوه أن يعفو عنها، ويغفرها لك، ويهبها لك، ومع هذا لا يقتصر على مجرد العفو والمسامحة حتى ينعم عليك ويكرمك، ويجلب إليك من المنافع والإحسان فوق ما تؤمله، فإذا كنت ترجو هذا من ربك أن يقابل به إساءتك، فما أولاك وأجدرك أن تعامل به خلقه، وتقابل به إساءتهم ليعاملك الله هذه المعاملة، فإن الجزاء من جنس العمل، فكما تعمل مع الناس في إساءتهم في حقك يفعل الله معك في ذنوبك وإساءتك، جزاء وفاقًا، فانتقم بعد ذلك أو اعفُ، وأحسن أو اترك، فكما تدين تدان، وكما تفعل مع عباده يُفعل معك، فمن تصور هذا المعنى وشغل به فكره هان عليه الإحسان إلى من أساء إليه، هذا مع ما يحصل له بذلك من نصر الله ومعيته الخاصة، كما قال النبي للذي شكى إليه قرابته وأنه يحسن


(١) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (١٢٨٩٤)، والنسائي في الكبرى، رقم الحديث: (١٠٦٣٣)، وعبد الرزاق في المصنف، رقم الحديث: (٢٠٥٥٩)، ومسند البزار (٦٣٠٨)، والبيهقي في الشعب، رقم الحديث: (٦١٨١)، حكم الألباني: ضعيف، ضعيف الترغيب والترهيب، رقم الحديث: (١٧٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>