للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه القاهر القهار الذي قهر الجبابرة وقرى الطغيان بما أنزل عليهم من العذاب الأليم، فما استطاعوا فرارًا ولا امتناعًا ولا انتصارًا، قال تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: ١٨]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص: ٧٨].

قهر عاد التي بلغت من القوة كل مبلغ، حتى أنه لم يخلق في البلاد مثلها قوة وشدة،، قال تَعَالَى: ﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٠] فلما عتت عن أمر ربها وكذبت رسله، وقالت: من أشد منا قوة؟! قهرهم القهار ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦ - ٨] (١).

وقهر ثمود التي من قوتها نحتت الصخور واتخذتها مساكن، فلما كان منها ما كان قهرها القهار بالصيحة العظيمة التي انصدعت منها القلوب وزهقت لها الأرواح، فأصبحت موتى لا يرى إلا مساكنها وجثثها (٢).

وقهر فرعون ذو الملك والجند والعدد والعتاد فلما استكبر، وقال تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [القصص: ٣٨]، قهره القهار بالغرق فأغرق وجنده جميعًا في صبيحة واحدة، وألقي ببدنه على الأرض ليكون عبرة وآية لكل جبار متكبر (٣).


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٩٢٣).
(٢) ينظر: المرجع السابق (ص: ٨٨٢).
(٣) ينظر: المرجع السابق (ص: ٣٧٢، ٧٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>