للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقهر قارون الذي كان له من الكنوز العجب، حتى أن مفاتح خزائنها لتثقل جماعة الرجال الأقوياء عن حملها، فهذه المفاتيح، فما الظن بالخزائن؟! فلما كفر نعمت الله عليه وطغى وبغى قهره القهار فخسف به وبداره الأرض جزاء من جنس عمله، فكما رفع نفسه على عباد الله، أنزله الله أسفل سافلين، هو وما اغتر به، من داره وأثاثه، ومتاعه (١).

وقهر أصحاب الفيل الذين كادوا بيته الحرام وأرادوا خرابه، فتجهزوا بجمع لا قبل للعرب به، واستصحبوا معهم الفيل لهدم البيت، فقهرهم القهار بطير أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، فخمدوا وهمدوا، وصاروا كعصف مأكول (٢).

وقهر قريشًا وعلى رأسها أبو جهل فرعون هذه الأمة بما أنزل بهم يوم بدر، ويوم الأحزاب، ويوم الفتح حتى انتهت قريش ودخلت جموعها في دين الله أفواجًا.

إنه القاهر القهار الذي يقهر العالمين يوم القيامة بالذل والخضوع، فلا تكلم نفسه إلا بإذنه، ويقهرهم بتلاشي أملاكهم قليلها وكثيرها، فلا ملك إلا ملكه، قال تَعَالَى: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر: ١٦] (٣).

إنه القاهر القهار، الذي قهر العالمين بنفوذ حكمه الجزائي فيهم، فلا يمتنع مجرم أُمر به إلى النار من أن يدخلها، ولا ناصر له ومدافع ولو كثر


(١) ينظر: المرجع السابق (ص: ٦٢٣ - ٦٢٤).
(٢) تفسير السعدي (١/ ٩٣٤).
(٣) ينظر: المرجع السابق (ص: ٧٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>