للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكبر- لا شك- مرض كغيره من الأمراض القلبية التي تصيب الإنسان، ولابد أن له علاجًا بإذن الله، فعلى من ابتلي بشيء منه أن لا يهمله ويركن إليه ويستمر عليه، بل لا بد له أن يسعى جهده لعلاجه والتخلص منه قبل أن يفتك به ويهلكه.

وقد ذكر العلماء للكبر علاجًا ناجحًا بإذن الله، يتمثل في عدة أمور منها:

أولًا: أن يعرف الإنسان ربه، ويعرف نفسه، ويعرف أصله وفقره وحاجته، ويعرف نعم الله عليه، ويتذكر مقامه بين يديه وعاقبة الكبر يوم القيامة، فإنه إذا عرف كل ذلك حق المعرفة علم أنه لا تليق العظمة والكبرياء إلا بالله، وإذا عرف نفسه علم أنه ضعيف ذليل لا يليق به إلا الخضوع لله والتواضع والذلة له، والتواضع ولين الجانب لخلقه، قال تَعَالَى-: ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧].

ثانيًا: التواضع لله بالفعل ولسائر الخلق بالمواظبة على أخلاق المتواضعين المتبعين لسنة سيد المرسلين، وأن يدرك المتكبر أن الذي يتكبر عليه أو يسخر منه قد يكون خيرًا منه عند الله، ولينظر كل ما يقتضيه الكبر من الأفعال فليواظب على نقيضها حتى يصير التواضع له خلقًا، فإن القلوب لا تتخلق بالأخلاق المحمودة إلا بالعلم والعمل.

- فإن كان التكبر بسبب القوة، فالعلاج: أن يعلم أن القوة لله جميعًا، ويعلم ما سلط عليه من العلل والأمراض، وأنه لو تألم له أصبع أو عرق من عروق بدنه لتألم، وصار أعجز من كل عاجز، وأذل من كل ذليل، ثم إن من البهائم ما هو أقوى منه بكثير، فمن كانت هذه حاله فما يليق به الكبر.

- وإن كان التكبر بسبب المال، فالعلاج: أن يعلم أن المال عرَض زائل، وأن المال من الله أعطاه إياه واستخلفه عليه فقط، والمتكبر بماله أو عقاره لو

<<  <  ج: ص:  >  >>