للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ينفد، بل خيره متصل في الدنيا والآخرة، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٦]، وعن أبي هريرة : أن رسول الله قال: «يَدُ الله مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وقال: عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى المِيزَانُ، يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ» (١).

فهو سُبْحَانَهُ الكريم الذي كثر خيره وعظم عطاؤه، إذا أعطى أجزلَ، وزاد على منتهى الرجا، فأعطى أهل الجنة مُناهم، وزادهم على ما يعلمون، كما جاء في الحديث القدسي أنه قال: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٧]» (٢).

يعطي لا لعوض، فهو الغني الكريم، قال تَعَالَى: ﴿فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾

[النمل: ٤٠]، ويعطي لا للسبب، ويحسن من غير طلب ولا سؤال أو منة؛ فهو المتفضل بالنوال من غير سؤال، بدأ الخلق بالنعم، وأوسع عليهم فيها حتى عجزوا عن إحصائها، قال تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: ١٨].

وهو سُبْحَانَهُ الكريم الذي عم عطائه خلقه فشمل البر والفاجر، والمؤمن والكافر، بل ربما خص الكافر في الدنيا بمزيد عطاء ولكن الآخرة للمتقين، قال تَعَالَى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي


(١) أخرجه البخاري واللفظ له، رقم الحديث: (٧٤١١)، ومسلم، رقم الحديث: (٩٩٣).
(٢) أخرجه البخاري واللفظ له، رقم الحديث: (٣٢٤٤)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٨٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>