أعطى إبليس الحياة الطويلة، وأعطاه القدرة على الوسواس، وأعطى الكفار القدرة المادية والخضرة والطبيعة والجمال وكثرة الأموال، قال تَعَالَى: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: ١٩٦ - ١٩٧] يعطي من يستحق ومن لا يستحق، يعطي من احتاج ومن لم يحتج حتى يصب عليه الدنيا صبًّا، فلا يبالي من أعطى، وكم أعطى؟!!
وهو الكريم الذي لا يخص بكبير من الحوائج دون صغيرها، بل يرفع إليه الكل، قال تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: ٢٩]، سهل خيره وقرب تناوله؛ فإنه ليس بينه وبين العبد حجاب، وهو قريب لمن استجاب، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾ [هود: ٦١] لا يضيع من التجأ إليه ولاذ به ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: ١٨٦] بل من كرمه جل في علاه إذا رفع العبد يديه يدعوه ويسأله يستحي أن لا يجيبه، وأن يرده خائبًا، كما جاء في الحديث عن سلمان ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ رَبَّكُمْ ﵎ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِه إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا»(١).
وهو (الكريم) الذي إذا وعد وفى، فإن كل من يعد يمكن أن يفي، ويمكن أن يقطعه عذر، ويحول بينه وبين الوفاء أمر، والباري صادق الوعد، كما قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران: ٩]؛ وذلك لعموم قدرته وعظيم ملكه، لا مانع لما أعطى ولا معطي لا منع.