خلق الجنين في بطن أمه في ظلمات ثلاث، وحفظه فيها، وتغذيته بواسطة السرة، إلى أن ينفصل، فيستقل بالتناول بالفم، ثم إلهامه إياه عند الانفصال التقام الثدي وامتصاصه ولو في ظلام الليل، من غير تعليم ولا مشاهدة (١).
ومن لطفه أنه يعلم مواقع القطر من الأرض، وبذور الأرض في باطنها، فيسوق ذلك الماء إلى ذلك البذر، الذي خفي على علم الخلائق فينبت منه أنواع النبات؛ لذا قال تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣)﴾ [الحج: ٦٣].
ومن لطف الله بعباده: أنه يقدر أرزاقهم بحسب علمه بمصلحتهم لا بحسب مراداتهم، فقد يريدون شيئًا وغيره أصلح، فيقدر لهم الأصلح وإن كرهوه لطفًا بهم وبرًّا وإحسانًا، قال تَعَالَى: ﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾ [الشورى: ١٩]، ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [الشورى: ٢٧].
ومن لطفه بعباده المؤمنين: أنه يتولاهم بلطفه، فيخرجهم من الظلمات إلى النور، من ظلمات الجهل، والكفر، والبدع، والمعاصي إلى نور العلم والإيمان والطاعة.
ومن لطفه بعباده: أن يقدر لهم أن يتربوا في ولاية أهل الصلاح، والعلم، والإيمان، وبين أهل الخير ليكتسبوا من أدبهم، وتأديبهم وصلاحهم