للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قليلًا، أو ماعون ونحوه انتفع به، أو عين شرب منها، وغير ذلك ككتاب انتفع به في تعلم شيء منه، أو مصحف قرأ فيه، والله ذو الفضل العظيم.

ومن لطف الله بعباده: أن يفتح لهم بابًا من أبواب الخير لم يكن لهم على بال، وليس ذلك لقلة رغبتهم فيه، وإنما هو غفلة منهم وذهول عن ذلك الطريق، فلم يشعروا إلا وقد وجد في قلوبهم الداعي إليه والملفت إليه، فيفرحوا بذلك (١).

وما مضى شيئ يسير من ألطافه سُبْحَانَهُ الخفية، أما ألطافه الظاهرة فهي في كل نعمة من نعمه سُبْحَانَهُ التي لا تعد ولا تحصى مما يشاهد في الآفاق، يقول تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤]، ولو استعرض لطفه سُبْحَانَهُ في نعمه الظاهرة لفنيت الأعمار ولم ندرك لها عدًّا.

ويكفي ذكر لطفه سُبْحَانَهُ في تيسير لقمة واحدة يتناولها العبد من غير كلفة يتجشمها، وقد تعاون على إصلاحها خلق كثير من مصلح الأرض، وزارعها، وساقيها، وحاصدها، ومنقيها، وطاحنها، وعاجنها، وخابزها، وتيسير مضغها مما وضع الله في الفم من أسنان طاحنة وقاطعة، ولسان يدير اللقمة ويسهلها للبلع، ولعاب يسهل مرورها في المريء، إلى آخر هذه الألطاف الربانية (٢).

وفي ألطافه سُبْحَانَهُ دليل على توحيده، وأنه المألوه وحده دون ما سواه، وذلك أن «من عرف أن النعم الظاهرة والباطنة القليلة والكثيرة كلها من الله، وأنه ما من نقمة ولا شدة ولا كربة إلا وهو الذي ينفرد بدفعها، وأن أحدًا من


(١) ينظر: المواهب الربانية من الآيات القرآنية، للسعدي (ص: ٧١ - ٧٦).
(٢) ينظر: المقصد الأسنى، للغزالي (ص: ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>