للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الزخرف: ٢٦ - ٢٨]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [الحج: ٦٢]، وقال تَعَالَى: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ٦٤]، وفي الصحيح أن النبي قال: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ؛ حَرُم مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ ﷿» (١) (٢).

وتحقيق هذا المعنى إنما خلق الله الإنس والجن لأجله، قال تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، فأرسل فيهم الرسل وأنزل إليهم الكتب داعية إليه، قال تَعَالَى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦].

قال ابن القيم : «فالتوحيد الذي جاءت به الرسل هو: إفراد الرب بالتأله الذي هو كمال الذل والخضوع والانقياد له، مع كمال المحبة والإثابة، وبذل الجهد في طاعته ومرضاته، وإيثار محابه ومراده الديني على محبة العبد ومراده؛ فهذا أصل دعوة الرسل، وإليه دَعَوا الأمم، وهو التوحيد الذي لا يقبل الله من أحد دينًا سواه، لا من الأولين ولا من الآخرين، وهو الذي أمر به رسله،


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٣).
(٢) ينظر: ثلاثة الأصول (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الأول) (ص: ١٩٠)، كتاب التوحيد، لمحمد بن عبد الوهاب (ص: ٣٦ - ٣٧)، والقول المفيد على كتاب التوحيد (١/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>