للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنزل به كتبه، ودعا إليه عباده، ووضع لهم دار الثواب والعقاب لأجله، وشرع الشرائع لتكميله وتحصيله» (١).

ونوَّع سُبْحَانَهُ الأدلة والبراهين على هذا الأصل العظيم، ونفى ضده تحقيقًا له، ومن ذلك (٢):

١ - الاستدلال بالربوبية على الألوهية، فمن عرف أنه الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور؛ أنتج له ذلك أنه هو المعبود الذي لا تنبغي العبادة إلا له، قال تَعَالَى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [يونس: ٣١ - ٣٢]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ [النمل: ٥٩ - ٦٠] الآيات.

ومن عرف أنه المنفرد بجلب النعم ودفع النقم، فما من نعمة ظاهرة ولا باطنة قليلة أو كثيرة إلا منه سُبْحَانَهُ، و ما من نقمة ولا شدة ولا كربة إلا وهو الذي ينفرد بدفعها، وإن أحدًا من الخلق لا يملك لنفسه- فضلًا عن غيره- جلب نعمة ولا دفع نقمة، تيقن أن عبودية ما سوى الله من أبطل الباطل، وأن العبودية لا تنبغي إلا لمن انفرد بجلب المصالح ودفع المضار، قال تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ


(١) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (ص ١٣٩).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ١٢٥، ٦٤٠)، القواعد الحسان لتفسير القرآن، للسعدي (ص: ١٨ - ١٩)، المواهب الربانية من الآيات القرآنية، للسعدي (ص: ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>