للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في التوكل عليه، ولا في العمل له، ولا في الحلف به، ولا في النذر له، ولا في الخضوع له، ولا في التذلل والتعظيم، والسجود والتقرب- أعظم من حاجة الجسد إلى روحه، والعين إلى نورها، بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به؛ فإن حقيقة القلب روحه وقلبه، ولا صلاح لها إلا بإلهها الذي لا إله إلا هو، فلا تطمئن في الدنيا إلا بذكره … ولا صلاح لها إلا بمحبتها وعبوديتها له، ورضاه وإكرامه لها» (١).

وكل من استكبر عن عبادة الله التي دعته فطرته إليها عبد غيره ولا شك؛ إذ النفوس جبلت على أن تقصد شيئًا وتريده، وتستعين به وتعتمد عليه في نيل مطلوبها، وتطمئن وتركن إليه، وتنتهي إليه محبتها، وهو إلهها سواء كان ذلك الله أو غيره.

قال ابن تيمية : «الاستقراء يدل على أنه كلما كان الرجل أعظم استكبارًا عن عبادة الله، كان أعظم إشراكًا بالله؛ لأنه كلما استكبر عن عبادة الله ازداد فقرًا وحاجة إلى المراد المحبوب … فلا بد لكل عبد من مراد محبوب هو منتهى حبه وإرادته، فمن لم يكن الله معبوده ومنتهى حبه وإرادته، بل استكبر عن ذلك، فلا بد أن له مراد محبوب يستعبده غير الله، فيكون عبدًا لذلك المراد المحبوب، إما المال وإما الجاه وإما الصور، وإما ما يتخذه إلهًا من دون الله كالشمس والقمر والكواكب والأوثان … » (٢) (٣).


(١) طريق الهجرتين (ص: ٥٧).
(٢) العبودية، لابن تيمية (ص: ١٠٠ - ١٠١) بتصرف وتقديم.
(٣) ينظر: جامع الرسائل، لابن تيمية (٢/ ٢٣١)، وتفسير السعدي (ص: ٦٠ - ٦١)، والعبودية مسائل وقواعد ومباحث، لعبد العزيز آل عبد اللطيف (ص: ٣٧ - ٣٩، ٤٤ - ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>