للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومجده راجع إلى عدة أمور، منها:

فصاحته وبلاغته، وحسن تراكيبه ونظمه، فألفاظه بلغت المنتهى في الفصاحة، ونظمه في غاية الإحكام، حتى إن العرب على ما هم عليه من الفصاحة وشدة العداوة للدين ما استطاع أحد منهم أن يعيب القرآن في لفظ من ألفاظه بل قال قائلهم لهم بعد سماعه للقرآن: «فو الله ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن مني، والله ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، والله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته» (١).

معانيه الواسعة، وعلومه الغزيرة الشاملة لكل شيء، قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: ٨٩]، قال ابن كثير : «اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق، وعلم ما سيأتي، وحكم كل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون في أمر دنياهم ودينهم، ومعاشهم ومعادهم» (٢).

عجز الجن والإنس عن الإتيان بمثله، بل ولا سورة من مثله ولو اجتمعوا وتآزروا، قال تَعَالَى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء: ٨٨]، فأنى لمخلوق ناقص من جميع الوجوه، ليس له علم ولا قدرة ولا إرادة ولا مشيئة ولا كلام ولا كمال إلا من ربه، أن يعارض كلام رب الأرض


(١) ينظر: شرح الطحاوية، لصالح آل الشيخ (ص: ١٢٦).
(٢) تفسير ابن كثير (٤/ ٥٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>