للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسماوات، المطلع على سائر الخفيات، الذي له الكمال المطلق، والحمد المطلق، والمجد العظيم، الذي لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر مدادًا، والأشجار كلها أقلام، لنفذ المداد، وفنيت الأقلام، ولم تنفد كلمات الله (١).

حفظه وصيانته من الشياطين وكيد الكفار والمنافقين والحاقدين من أن يغيروا ألفاظه أو يزيدوا فيها أو ينقصوا، أو أن يبدلوا معانيه ويحرفوها، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٢]. (٢)

قال يحيى بن أكثم : «كان للمأمون- وهو أمير إذ ذاك- مجلس نظر، فدخل في مجلسه رجل يهودي، حسن الثوب، حسن الوجه، طيب الرائحة، قال: فتكلم، فأحسن الكلام، قال: فلما أن تقوض المجلس، دعاه المأمون، فقال له: إسرائيلي؟: قال نعم! قال له: أسلِم حتى أفعل بك، وأصنع، ووعده، فقال: ديني، ودين آبائي، فانصرف، فلما كان بعد سنة جاءنا مسلمًا، قال: فتكلم على الفقه، فأحسن الكلام.

فلما أن تقوض المجلس دعاه المأمون، فقال له: ألست صاحبنا بالأمس؟ قال له: بلى! قال: فما كان سبب إسلامك؟ قال: انصرفت من حضرتك، فأحببت أن أمتحن هذه الأديان، وأنا مع ما تراني حسن الخط فعمدت إلى التوراة، فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني، وعمدت إلى الإنجيل، فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها، ونقصت وأدخلتها البيعة فاشتريت مني، وعمدت إلى القرآن فعملت


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٤٦٦).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>