للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، بل الكل مكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة.

ومن ذلك: أعمال العباد، فقد علمها وحفظها وأحصاها قبل أن يخلقهم، وبعد أن خلقهم، فالكل محسوب محصى صغيره وكبيره، دقيقه وجليله، ظاهره وباطنه، مميز صالحه من فاسده، وحسنه من قبيحه، وخيره من شره، لا يخفى عليه شيء منه، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾ [النساء: ٨٦].

علم مقاديره، ومقادير ثوابه وعقابه، وما يستحقه عامله من الجزاء قبل الخلق وبعد الخلق ويوم العرض ﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧] (١).

ومن تمام حفظ الحسيب الديان لها: أمر الملائكة الحفظة أن يدونوا جميع أعمال الخلق صغيرها وكبيرها، قال تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: ١٠ - ١٢]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٨] قال ابن عباس : «يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر، حتى إنه ليكتب قوله: أكلت، شربت، ذهبت، جئت، رأيت، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله، فأقر ما كان من خير أو شر وألقى سائره، فذلك قوله: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]» (٢).

وبهذه الكتابة صارت الدواوين عند الديان ﷿ ثلاثة: (٣)


(١) تفسير السعدي (ص: ٥٢٥).
(٢) تفسير ابن كثير (٧/ ٣٩٩).
(٣) ينظر: الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>