للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧]، وحتى ما كان خفية من العمل ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤]، فالكل مكشوف الجسد، والعمل، والنفس، والقلب، وما تكنه الصدور، ساقطة جميع الأستار التي كانت تحجب الأسرار وما يخفيه الإنسان ويحرص على ستره حتى عن نفسه.

فتقف الحشود من خلق الله إنسًا وجنًّا وملائكة تحت جلال الله، وعرشه مرفوع فوق الجميع ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (١٧) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٣ - ١٨].

فينادينهم الديان جل في علاه بصوت يسمعه القريب والبعيد على حد سواء، فيقول: «أَنَا المَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ» (١).

والكل خاضع خاشع لهيبة الله وعظمته ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طه: ١٠٨].

حتى إذا اشتد الكرب بأهل الموقف لطول العناء والانتظار وشدة الأهوال، ذهبوا للأنبياء ليشفعوا لهم عند الديان ؛ ليفصل بينهم، فيجيء الديان لفصل القضاء كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢]، وقال: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٦٩) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ


(١) صحيح البخاري، رقم الحديث: (٩/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>