للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٣] ﴿إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٧] ولم يجئ قط (رحمن بهم)، فعلم أن الرحمن هو الموصوف بالرحمة، والرحيم هو الراحم برحمته، وهذه نكتة لا تكاد تجدها في كتاب، وإن تنفست عندها مرآة قلبك لم ينجل لك صورتها» (١).

وقال في موضع آخر: «ولم يجئ (رحمن بعباده، ولا رحمن بالمؤمنين)؛ مع ما في اسم (الرحمن) -الذي هو على وزن فعلان- من سعة هذا الوصف؛ وثبوت جميع معناه للموصوف به؛ ألا ترى أنهم يقولون: غضبان، للممتلئ غضبًا؛ وندمان، وحيران، وسكران، ولهفان، لمن ملئ بذلك، فبناء فعلان للسعة والشمول.

ولهذا يقرن ﷿ استواءه على العرش بهذا الاسم كثيرًا، كقوله ﷿: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ﴾ [الفرقان: ٥٩] فاستوى على عرشه باسم الرحمن؛ لأن العرش محيط بالمخلوقات؛ قد وسعها، والرحمة محيطة بالخلق؛ واسعة لهم، كما قال تَعَالَى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: ١٥٦]، فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات، فلذلك وسعت رحمته كل شيء» (٢).

٣ - أن اسم الله «الرحمن» خاص الاسم عام المعنى، واسم الله «الرحيم» عام الاسم خاص المعنى، وتوضيح ذلك: أن اسم الله الرحمن من الأسماء التي لا يجوز أن يتسمى بها مخلوق، قال الله تَعَالَى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ


(١) بدائع الفوائد (١/ ٢٤).
(٢) مدارج السالكين (١/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>