وهو معرفة القلب وإقراره بأن ما بالعبد من نعمة فهي فضل من الله تَعَالَى وحده، وأن ذلك إحسان منه ﵀، حتى لو وصلت بعض هذه النعم على يد عبد من عباد الله، إلا أن الشكر أولًا وأخيرًا لله الذي سخر ذلك العبد ليوصلها إليك، فالله تَعَالَى هو الذي أجراها على يديه، وإلا فهو لا يد له فيه ولا صنع، يقول ﷾: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣].
وهذا ما أرشد إليه النبي ﷺ، حين أمر المسلم أن يقول إذا أصبح وإذا أمسى:«مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ، أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَمنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ اليَوْمِ»(١).
ومن هنا ندرك أن العبد لا خروج له عن نعمة ربه وفضله ومنته وإحسانه طرفة عين، لا في الدنيا ولا في الآخرة، فالله تَعَالَى هو الذي يمنح النعم لا أحد سواه يشاركه، فلا يقول الإنسان كما قال قارون في قوله تَعَالَى: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص: ٧٨].
ويقول ابن القيم ﵀ في ذلك: «الشكر: اسم لمعرفة النعمة؛ لأنها السبيل إلى معرفة المنعم، ولهذا سمى الله تَعَالَى الإسلام والإيمان في القرآن: شكرًا، فمعرفة النعمة: ركن من أركان الشكر، لا أنها جملة الشكر … ، فالشكر
(١) أخرجه ابن حبان (٨٦١)، حكم الألباني: ضعيف، ضعيف الجامع الصغير، رقم الحديث: (٥٧٣٠).