للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذكر أقسام الخلق الثلاثة: شاكر النعمة المثني بها، والجاحد لها والكاتم لها، والمظهر أنه من أهلها، وليس من أهلها، فهو متحل بما لم يعطه.

- والقول الثاني: أن التحدث بالنعمة المأمور به في هذه الآية: هو الدعوة إلى الله، وتبليغ رسالته، وتعليم الأمة، قال مجاهد: هي النبوة، قال الزجاج: أي بلغ ما أرسلت به، وحدث بالنبوة التي آتاك الله. وقال الكلبي: هو القرآن، أمره أن يقرأه.

- والصواب: أنه يعم النوعين؛ إذ كل منهما نعمة مأمور بشكرها والتحدث بها، وإظهارها من شكرها» (١).

٣ - شكر الجوارح:

يقول ابن القيم : «وأما الشكر فهو القيام له بطاعته والتقرب إليه بأنواع محابه ظاهرًا وباطنًا» (٢)، وقال الحافظ ابن حجر : «الشكر هو الاعتراف بالنعمة، والقيام بالخدمة» (٣).

فشكر الجوارح معناه: قيام الجوارح بالعبودية لله رب العالمين؛ لأن كل جارحة لها حظها من العبودية، ولا يتم ذلك إلا بالعمل بطاعة الله تَعَالَى وطاعة رسوله ، وذلك بفعل المأمور واجتناب المحذور، ويدخل في ذلك صرف نعمه فيما يحبه ويرضاه، والاستعانة بها على طاعته، والحذر من صرفها في معصيته، أو الاستعانة بها على ذلك، ومن لوازم ذلك معرفة ما يحبه


(١) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، لابن القيم (٢/ ٢٣٩).
(٢) الفوائد (ص: ٢٣٤).
(٣) فتح الباري في شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني (٣/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>