للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلم العليم بعد خلقهم جميع أمورهم، فيعلم ما في الأرحام من حمل كل إناث الحيوانات، قال تَعَالَى: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨]، ويعلم هل هو ذكر أو أنثى، حسن أو قبيح، غني أو فقير، طويل الأجل أو قصير، شقي أو سعيد.

ويعلم العليم بعد خروجهم على وجه الأرض أعمالهم وأقوالهم الظاهرة والباطنة، قال تَعَالَى: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ﴾ [النمل: ٢٥].

إحاطة علمه بالظواهر والبواطن، والإعلان والإسرار، بل علمه بما هو أخفى منها مما تنطوي عليه الصدور وتواريه، قال تَعَالَى: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الملك: ١٣]، قال تَعَالَى: ﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [هود: ٥].

فيعلم العليم سُبْحَانَهُ ما يظهر من الأقوال ولو صدرت في آن واحد، ويعلم الأعمال ولو صغرت، خيرها وشرها، قال تَعَالَى: ﴿قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأنبياء: ٤]، وقال تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [النور: ٢٨] (١).

ويعلم العالم سُبْحَانَهُ السر كعلمه بالجهر؛ فالكل سواء، والعامل في ظلمة الليل المدلهم كالعامل في وضح النهار سيان، قال تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ [طه: ٧].

ويعلم سُبْحَانَهُ ما تكنه القلوب، وتخفيه الصدور من الإيمان والكفر والنفاق، وما تخفيه من النوايا الطيبة والخبيثة، والمقاصد الحسنة والقبيحة،


(١) ينظر: المرجع السابق (ص: ٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>