وما تخفيه من أعمال القلوب الصالحة والفاسدة، قال تَعَالَى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥].
إحاطة علمه بما يصلح لخلقه من الأحكام الشرعية والقدرية، قال تَعَالَى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: ١٤]
فيعلم ما يصلحهم من الشرائع التي تنتهي بهم إلى سعادة الدارين، والتي أرسل بها الرسل وأنزل بها الكتب، قال تَعَالَى: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ١٦٦]، وكثير من آيات الأحكام يختمها الله ﷿ بقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النساء: ٢٦]، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الأحزاب: ١]، ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الفتح: ٤] كما في أحكام المواريث، والنكاح، والكفارات، والحدود، وغيرها، إشارة إلى أن هذه الأحكام إنما صدرت عن علم تام، وحكمة بالغة.
ويعلم ما يصلح لهم من الأقدار غنى وفقرًا، وصحة ومرضًا، وولدًا وعقمًا، ونحو ذلك؛ وبناء عليه قدَّر وقضى، قال تَعَالَى: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [العنكبوت: ٦٢]، وهذا يظهر بجلاء في قصة الخضر مع موسى ﵇؛ إذ قدر سُبْحَانَهُ لأصحاب السفينة واليتيمين ما فيه صلاح دنياهم، وقدر لوالدي الغلام ما فيه صلاح دينهم، وإن كان ظاهر الأمر في أوله شر وسوء (١).
إحاطة علمه بالأزمان كلها؛ فيعلم ما كان من الماضي، قال تَعَالَى عن قول فرعون وجواب موسى ﵇ له، قال تَعَالَى: ﴿قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (٥١) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾ [طه: ٥١ - ٥٢].