الحمد لله شرف المحال في الحال والاستقبال بمن إليها هاجر وبها حل، سيما أن كان الذي أرشد لكل خير ودل، وصرف عنها تلك الظلمة والمحال، فنادت أركانها وجهاتها المنخفضة والعوال حتى أضاء بها كل شيء عظم أو قل، حسبما شوهد من الأماكن النائية، مما المقام فيه أعلى وأجل، عظم أو قل، وعرف من نور بصيرته بركتها الموازية للغنائم والعطايا الزائد بها الاحتفال وللسرايا القادم أهلها بالبشارة ببلوغ الآمال. في الحل والارتحال، (فأكرموها) عن سلوك ما لا يرضى. إن غلط الواحد منهم أو زلّف وعظموها بربط قلوبهم عن المناكير والمعضلات التي لا تحتمل، سيما ومن المعلوم:
أن الأماكن الشريفة مرتفعة عن تلك المحن والأوحال، ممتنعة من إقرار الخبث بها وصرف المجانب فيها للعدل والاعتدال، إذ القاذورات للمبتلي بها أو عليها أقبل بالأماكن الدنيئة الخسيسة غير مضاعفة كهى فيها عند جماعة من اعتدل، والكل سائرون مع القدرة الإلهية التي لا محيد عنها ولا انتقال. فسبحانه له الحمد على كل حال، ومنه الاسترشاد والاهتداء لطرق السعد، وتجنبا لوباله، وبنعمته تتم الصالحات، وبرحمته تنمو الرابحات وإن كانت قليلة العمل. والصلاة والسلام على سيد الخلق وأشرف مرسل، وعلى آله وصحبه وتابعيهم المندفع الكرب عن سائر من به، ثم بهم، ببركته توسل. وبعد، فما كان من المعلوم المقرر عند أولي العقول الصحيحة وثاقب الفهوم: أنه عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة وبتتبع آثارهم يندفع كل بلاء ونقمة. وأن الثناء على المدرج فيهم من الأموات رحمة للأحياء من أهل المودات والاشتغال بنشر أخبار الأخيار ولو بتواريخهم، من علامات سعادات الدارين لأولي العرفان والاختبار، بل يرجى إسعافهم للمقصر الذاكر لهم بالشفاعة، وإتحافهم من المولى بمرافقة أهل السنة والجماعة إلى غير هذا مما يرغب فيه، ويحبب للتوجه إليه كل وجيه.