للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أضرع إلى الله في تيسير النظر إلى محياه لتغمرني أنوارها فأثبت حينئذ جملة صالحة بأسنة البنان، وأخبر عن النظر، فإن البون كبير بين الخبر والعيان. توفي في شعبان سنة ست وثمانين وسبعمائة بشيراز، هكذا ترجمه المجد.

[١٧١٨ - شاهين]

الأمير شجاع الدين الرومي، ثم القاهري، الجمالي الحنفي، أحد الأمراء العشراوات الماضي شقيقه سنقر. ولد تقريبا في سنة ثمان وثلاثين، وملكه الجمالي- كما تقدم-في ثلاث وخمسين، وقد بلغ فتعلم الكتابة وأجادها، وحج في سنة اثنتين وستين وفهم، وتطلع إلى الترقي. فأخبرني أنه قرأ على الزين قاسم بن قطلوبغا شرحه لمختصر المنار في أصولهم وعليه وعلى الصلاح الطرابلسي القدوري، وعلى النجم بن قاضي عجلون في الصرف والعربية، وكذا على البدر بن خطيب الفخرية فيها، وعلى البدر المارداني في الفرائض والحساب، وتردد إليه كثيرون من فضلاء المذاهب كالسيد شيخ القجماستية وعباس المغربي وغيرهما، فكان يتدرب بمذاكرتهم. بل قرأ على الفخر الديمي البخاري، وكذا الشفاء غير مرة وغير ذلك، وتميز وشارك في الفضائل، وظهرت براعته، وعمل شادية عدة سنين، بل ندبه السلطان للوقوف على عمارته في البندقانيين والخشابين، وقبل ذلك في مكة ونواحيها وكإجراء عين عرفة وعمارة مسجدي نمرة والخيف فشكر، وكانت له في كله اليد البيضاء وحمدت مباشرته بالنسبة لغيره لعقله ورفقه وفهمه وعدم هرجه وسكونه، وهو في كل ذلك راغب في لقاء الفضلاء، محب في الاستكثار من الفضائل إلى أن استقر به الأمر في مشيخة الخدام بالمدينة النبوية سنة إحدى وتسعين عقب شغورها بموت قاتم قليلا، وأرسل مملوكه جان بلاط‍ نائبا عنه حتى ورد هو في آخر السنة مع الركب، فباشرها. وقام بإعادة المنارة الرئيسية بعد نقضها حتى بلغ الماء لميلان كان بها. ونقض علو القبة الشريفة لشقوق كان بها وإعادتها مع قرب عمارتها بل أضاف لضريح السيد حمزة من جهته اليمنى رحابا واسعة بها، وأدخل البئر. وكذا رمم حصن أمير المدينة وبعض السور المحيط‍ للاحتياج لذلك، وبعد انتهاء هذه المآثر والقرب رسم بتوجيهه لنيابة جده، وأضاف لذلك في ثاني سنيها عمارة بالمسجد المكي كعلو بئر زمزم ورفرف المقام الحنفي. ثم سقاية العباس وساعده فيها أخوه، واجتهد بعد في إجراء عين حنين. وراسل سنة خمس في الاستعفاء من جدة أنفه من الجمع بين الأمرين المتنافرين، فصرف عنهما معا، ففي جدة بتنم، ورسم له بتدريبه في مباشرتها، وفي المشيخة بالطواشي أياس الأشرفي الأبيض، وقدم فباشر، ولم يلبث أن مات بالمدينة في رجب سنة ست وتسعين. وأعيد صاحب الترجمة بعد شغورها قليلا إلى أن عين لإمرة الركب الأول في السنة المشار إليها، وتعب كثيرا ممن كان معه، ثم رجع بالركب، وترك مملوكه بالمدينة. فباشر سنة سبع إلى أن ورد مولاه مع الركب في آخرها، فباشر على عادته، ورسخت قدمه، وابتنى بها دارا بلصق المدرسة الشهابية المقاربة لباب جبريل أحد أبواب المسجد النبوي، ثم رغب عنها لصاحب الحجاز، ثم عوض عنها

<<  <  ج: ص:  >  >>