وكان أول من درس بالأخيرة وسكنها، وإليه نظر جميعها، وولي تدريس درس سير الحندار مشافهة منه، ودرس الحديث لوزير بغداد والفقه للأشرف شعبان صاحب مصر، ولم يجتمع، وكذا لأحد قبله من قضاة مكة بل بعضها، لم يكن إلا في زمنه، واستمر على ذلك كله حتى مات … نعم صرف عن المدارس قبيل وفاته، ولكن لم يصل الخبر به إلا بعد موته، مما كان عظم بسببه منعه الزكي الحروني ..... المسجد الحرام، وقوله له: إنه لا يكون إلا من مال صاحب مصر، إلى غيره من معارضاته له، وكان من سعى له في خطابة مكة كتب له يحضر ليقف عليه أرباب الحل والعقد فيعرفون به أهليته، كتب فيه الشهاب بن النقيب والأسنوي والبهاء السبكي (وهو المحرك لهذا البحث) كان سببا لدخوله في الوظائف كلها، وحدث بكثير من مسموعاته، روى عنه الجمال بن ظهيرة وبه تفقه، وكان يطربه ويثني عليه، وكذا درس وأفتى وناظر وانتفع الناس به دهرا، وكان ذا يد طولا في فنون من العلم مع الذكاء المفرط والفصاحة، والإجادة في التدريس والإفتاء والخطبة، ووفور العقل والجلالة عند الخاصة والعامة مع كثرة التواضع مع الفقراء والصالحين، وإكرامهم حتى عادت بركة ذلك كله عليه وعلى أولاده، وكثرة المروة والمكارم والبر بأهله وأقاربه، وزار الطائف والمدينة غير مرة، وكان يقوم بكثير من الكلف عن رفقائه، وآخر قدماته المدينة في موسم سنة ثمانين، فجاورها إلى أثناء التي تليها، وخطب في بعض هذه الأيام بها، وأمّ الناس نيابة عن ولده القاضي محب الدين قاضيها وخطيبها وإمامها حينئذ، وطول سبطه التقي الفاسي برحمته، وأنه لم يتيسر اجتماع ما تقدم لأحد قبله، قال شيخنا: سمعت خطبته مرارا، لكن لم أسمع عليه شيئا، وكذا قال في معجمه: رأيته وسمعت خطبته مرارا، وذلك في سنة خمس وثمانين، وكان يسرد فيها عدة أحاديث، وما أدري هل أجاز لي أم لا، فإنني أظن أنه حضر ختم الصحيح في رمضان وأجاز للسامعين وكنت منهم، ومات في رجب (يعني يوم الثلاثاء) ثالث عشرة من السنة التي بعدها، قلت: وذلك بقرب مكة في رجوعه من الطائف، ودفن بالمعلاة.
[٣٦١١ - محمد بن أحمد بن عبد العزيز الجبرتي الأصل]
الحجازي المدني، الشهير بجدة، ولي نظر الحرم النبوي، وكان مشكور السيرة، مات سنة خمس وستين وسبعمائة، ذكره شيخنا في درره والولي بن العراقي في وفياته.
[٣٦١٢ - محمد بن أحمد بن عبد اللطيف بن محمد بن يوسف الأنصاري الرندي]
المدني، أخو عبد الله الماضي، سمع عن الزين المراغي، ومن ذلك في سنة اثنتين وثمانمائة في تاريخه للمدينة.