للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

روى عن عبد الله بن أبي حبينة حديثا. قال فيه: سمعت أبا الدرداء «في فضل من قال: لا إله إلا الله-وفيه: وإن زنا، وإن سرق». وسيأتي في محمد بن إسماعيل بن مجمع: أن عبد الله هذا جده لأمه.

[٢٠٠٦ - عبد الله بن حجاج]

أبو محمد المغربي، الشهير بمكشوف الرأس، لكونه لم يزل كذلك. قال ابن فرحون: إنه كان من الشيوخ المعدودين في زمانهم من العلماء والحكماء المجدين المطلعين على علوم الأولين من حكمة ومنطق وهندسة وفلسفة خيرا منقطعا للمجاورة مشغولا بنفسه. جمع من الكتب الجليلة ما لم يجمعه أحد من جنسه أتى بها من بلاده، مشتملة على أصول وأمهات ودواوين من تفسيره وفقه وحديث وتاريخ وطب ومنطق وحكمة وعلوم شتى لا يعرفها أهل زماننا ولا يفهمها إلا من عالج أصولها وأدرك شيوخها، وقل من يفهمها من أهل المدينة، وكان فيها من كل فن تصانيف عدة. واجتمع عنده عيال وأولاد فكان إذا أراد الحج أدخل عليهم ما يحتاجون إليه من طعام وماء وأدام وسد الباب عليهم بالبناء حتى لا يصل أحد إلى بنيه ولا يطلع على حاله، ولا يزال البيت كذلك حتى يأتي من مكة فيفتح هو عليهم. مات في سنة إحدى وسبعمائة وترك أولادا صغارا. فوصى عليهم وعلى ماله وكتبه: نور الدين بن الصفي فقيه الإمامية، ولما كبر الأولاد سافروا إلى مصر وبعثوا مع القاضي فخر الدين السخاوي وكالة بتسلمها وبيعها، فبيعت كما سيأتي في ابن الصفي، وذكره المجد، فقال: أبو محمد المغربي الفلسفي المنطقي الحكيم المكشوف الرأس، لأنه كان كذلك صيفا وشتاء. كان من أكابر العلماء المطلعين على العلوم اليونانية وأكابر الفضلاء المتضلعين بالعلوم الإيمانية، وانقطع إلى المجاورة بالمدينة، واجتمع إلى نفسه وعبادته في سكون وسكينة. جمع من غرائب الكتب ونفائسها أحمالا وصرف في تحصيلها وتصحيحها أعمارا وأموالا. وحاز من الأصول الفاخرة صناديق وسلالا وجلها كتب الحديث والفقه والتاريخ والطب والمنطق والحكمة وعلوم أخرى شتى، لم ينهض لمعرفتها في عصرنا هم ولا همة. وأكثرها بالخطوط‍ الفائقة المليحة وأصول متقنة مضبوطة صحيحة، وكان من عادته إذا حج إلى بيت الله الحرام أن يهيئ ما يحتاج إليه أهله وعياله من الماء والطعام والادام ويجمع العيال والزاد في منزله ويسد عليهم الباب بالبناء الموثوق، ولا يطلع على شيء من أحوالهم مخلوق ولا يزال البيت كذلك حتى يرجع إليهم، ويفتح الباب بيده عليهم. وكان له جار يدعى بالنور بن الصفي فقيه الإمامية وإمامهم في زمانه، وكان من جملة أصدقاء أبي محمد وخواص إخوانه. فلما أدركه الأجل أوصى إلى النور الجار، وكان له أولاد صغار، فدخل الكتب حصن الانحصار وأكلتها الأرضة والنار وبللتها الأنداء والأمطار، وذهب منها النقاوة والخيار وما بقي منها بيعت كل عشرين بدينار، وامتلأت

<<  <  ج: ص:  >  >>