للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفتح، بعد أن تعلم الخط‍ في الجاهلية، فجاء الإسلام وهو يكتب، وقد كتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال ابن عبد البر: أسلم عام خيبر، وأطعمه النبي صلّى الله عليه وسلّم من خيبر ثلاثين وسقا، وعن غيره: أنه كان-هو والزبير-يكتبان أموال الصدقات، ذكره شيخنا في الإصابة.

[٨٠٧ - جوبان بن تدوان]

نائب القان، أبو سعيد بن خربندا، امتلك البلاد المشرقية، وهو صاحب المدرسة الجوبانية بالمدينة، التي بنيت في سنة أربع وعشرين وسبعمائة، وجعل له فيها تربة ملا صقة لجدار المسجد بين جدار الشباك، والحصن العتيق، واتخذ فيها شباكا في جدار المسجد، وهو اليوم مسدود، كان مناصحا للمسلمين في الباطن، وفيه خير ودين، دبر المملكة في أيامه مدة طويلة على السداد، ثم تغير عليه سلطانه، وقتل ولده خواجا في سنة سبع وعشرين، فهمّ جوبان بمحاربة أبي سعيد، فلم يتمكن، ثم ظفر أبو سعيد به فقتله، بل وكتب إلى الناصر صاحب مصر يسأله في قتل تمرتاش بن جوبان-وكان قد فرّ بعد قتل أخيه-إلى الديار المصرية، فأقام بها مدة، فأجابه وقتله، على أن أبا سعيد يقتل الأمير قرا سنقر المنصوري الخارج على الناصر، والمقيم عند أبي سعيد، فقدر موت قرا سنقر قبل قتل تمرتاش بهراة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، السنة التي قتل فيها جوبان، وذلك بهراة أيضا، ونقل إلى المدينة بأمر أبي سعيد مع الحاج العراقي، فوقفوا به في عرفة، ودخل مكة ليلا، وطافوا به، وصلوا عليه، ثم توجهوا به إلى المدينة ليدفن في تربة له هناك، فلم يمكن من ذلك أمير المدينة، إلا إذا استؤذن صاحب مصر، فدفن حينئذ بالبقيع في سلخ ربيع الآخر سنة تسع وعشرين، ودفن معه بالبقيع ولده، وكانا في هذه المدة بقلعة إمرة المدينة، وكان شجاعا مهيبا، شديد العطاء، كبير الشأن، كثير الأموال، عالي الهمة، صحيح الإسلام، ذا حظ‍ من صلاة وبر، بذل ذهبا كثيرا، حتى أوصل الماء إلى بطن مكة، وقيل:

إنه أخذ من ملكه ألف ألف دينار، وكانت ابنته بغداد زوجة أبي سعيد، وابنه تمرتاش:

متولي ممالك الروم، وابنه دمشق: قائد عشرة آلاف، وكان سلطانه أبو سعيد تحت يده، ثم زالت سعادتهم، وتنمر لهم أبو سعيد فقتل دمشق، وفرّ أبوه جوبان إلى والي هراة لائذا به، فقتله بأمر أبي سعيد في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ولعله من أبناء الستين، قاله الذهبي في ذيل سير النبلاء، وقد ترجمه المجد، فقال: الجوبان الأمير الكبير، نائب المملكة القاءانية، وأتابك العساكر المغلية، ومنشئ المدرسة الجوبانية بالمدينة الشريفة، وليس بها مدرسة ولا رباط‍ ولا دار أحسن بناء وأتقن، وأمكن وأمتن وأحصن منها، مع شرف الجوار، وقرب الديار، وقرب الجدار بالجدار، ولو صرف من أوقافها المعشار، لما وجدت أعمر منها، ولا أفخر ولا أشهر في جميع مدارس الأقطار، ولكن على كل خير مانع، ولا يدري أحد أسرار ما الله في عباده صانع، وكان ملكا مهيبا، منجدا شرسا جبل أجبال، بطلا مهيبا، بهسكا جوليا

<<  <  ج: ص:  >  >>