للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قتل بعض الرافضة وفي غير ذلك مما جبن غيره عنه، واتسعت دائرته بها، وكنت ممن صحبه قديما بمجلس شيخنا وبعده سمع مني بالقاهرة جل القول البديع ثم جميعه بالروضة النبوية، وامتد حتى يوم ختمه بقصيدة قيلت بحضرتنا، وكذا أخذ عني غير ذلك، وكتبت عنه من نظمه أشياء منها عدة قصائد في نحو كراسة، سمعتها منه بمنى، وكتب إليّ بعد ذلك في أثناء كلام وقد أحسنتم الأوقات بالمدينة النبوية وكأنها كانت منامات وتحصر العبد بل غالب أهل المدينة فيما يليق لمحلكم، ولعل إن شاء الله تعالى من فضله أن يهيئ العودة مرة أخرى ويطول المقام بها بكل العيال على أحسن حال، وأسأل الله أن يحفظنا سيدنا شيخ الإسلام حافظ‍ نسبه خير الأنام، اللهم احفظه في الإقامة والرحيل يا جليل يا جميل، احرسه بعينك التي لا تنام يا ذا الجلال والإكرام.

واجعلنا وإياه في حماية سيد المرسلين. انتهى، وتيمنت بذا كله منه فنعم الرجل توددا وبشاشة وفتوة واستجلاء للخواطر أبا للوافدين وصفا ورغبة في إلقاء الصالحين وخضوعا معهم، ولما أسن وانقطع بالفالج ونحوه استقر ابنه خير الدين محمد. وهو أفضل منه وأمتن تدبيرا ورأيا في القضاء، فكانت كلمة اتفاق وإن كان ذاك في عدم الحرص وتقريب الفقراء شبه، واستمر هذا في تعلله حتى مات في ليلة خامس المحرم سنة خمس وتسعين بعد إخباره أنه رأى في منامه الشريف النسابة وامرأة جميلة وقع في خاطره أنها حورية، وقالت: إنها تحفة وسألها أن تأخذه معها فقالت: لا يكون في هذا الشهر ولا الذي يليه، ووثق بكلامها بحيث أنه لما فهم من ولده العزم على ترك الحج لاشتغاله به، قال له: اذهب … أما قلت لك أنني لست أموت في هذا الشهر ولا الذي يليه، فامتثل، وكان كذلك رحمه الله، وترك أولادا شقيقين المشار إليه أحمد ومحمد وغيرهما من ابنة المحب المطري وغيرها، وكنت في أواخر ذي الحجة من التي قبلها زرته في بيته من المدينة، وأضافني مع كونه مشتغلا بعلته، ودفن بالبقيع خلف ضريح إمام مذهبه مالك، رحمه الله وإيانا.

[٣٦٤٤ - محمد بن أحمد بن أبي نصر]

الشمس أبو عبد الله بن أبي العباس البغدادي، ثم الدمشقي الحنبلي الزاهد، ويعرف بالدباهي، قال البرزالي في تاريخه:

إنه ولد سنة ست أو سبع وثلاثين وستمائة من بغداد، وكان سيدا من السادات، جاور بمكة سنين وبالمدينة أيضا، ومات في ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وسبعمائة بدمشق، ودفن بسفح قاسيون، قال: كان والده من أكابر التجار، وذكره الذهبي في معجمه ووصفه: بالإمام الزاهد القدوة، وأنه كان حسن الجملة، عديم التكلف، وافر الإخلاص، رأسا في متابعة السنة، فصيحا، واضحا، عفا، حسن المشاركة في العلم ومعاملات القلوب، وحكى عنه ابن النستيري: أجاز له من ماردين، وأنه صحب الشيخ عبد الله، كتب له مدة وسافر معه، قال: ودخل البلاد وجاور عشر سنين، ثم تحول إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>