للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعوام، وأقام في مدينة حيس عند القاضي ابن العزاف حتى مات، وكانت وفاته في أول ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، ودفن هناك، رحمه الله، وهو ممن ترجمه شيخنا في أنبائه.

[١٩٨ - أحمد بن عبد الرحمن، أبو العباس]

الشاذلي الفاسي، المغربي المالكي، نزيل المدينة، كان فقيها، فاضلا متفننا، إماما في أصول الفقه، مشاركا في الأدب والعربية، والحديث، مستحضرا للفقه، له شرح على الرسالة لابن أبي زيد، بيض منه نصفه في ثلاثة أسفار كبار، وباقيه في سفر واحد من المسودة، وكذا شرح عمدة الأحكام، شرحا حسنا، وعلق على التنقيح للقرافي تقييدا مفيدا، وتحول إلى المدينة فقطنها، وناب في قضائها، وكان صدرا في العلماء، ذا عفة ودين، وصيانة، ذكره ابن فرحون في طبقات المالكية، ومات بها سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وذكره عمه العفيف عبد الله في تاريخ المدينة، فقال: أحمد أبو العباس المغربي الفقيه، العالم الفاضل الأصولي الفروعي، استنابه الشرف الأميوطي في فصل الخصومات، بعد أحمد الفاسي الآتي، وكان ورعا عفيفا دينا فاضلا في مذهبه، إماما في الأصول، شرح الرسالة لابن أبي زيد شرحا حفيلا ممتعا، وعمدة الأحكام-فكان من أحسن ما وضع عليها-وتنقيح القرافي في أصول الفقه، ولم يوضع عليه-فيما رأينا- أحسن منه، وكل تآليفه مفيدة، وتولى ورش غشاوة، فلم يتناول من الحديقة-التي تفرق اليوم على الجماعة-شيئا، تورعا، بل كان يصرف نصيبه إلى الفقيه محمد التلمساني، لكونه من طلبة المدرسة الشهابية، ثم نقم عليه مستنيبه أشياء، منها دخوله في قضية ابن مطرف في العهن، فإنه أثبت له محضرا مشتملا على أن بيع علي للعهن كان وهو في الحبس قهرا وغصبا، وأن البيع باطل، فلما أثبت الشاذلي المحضر لنافع بن علي بن مطرف، توجه إلى رباط‍ الفخر، وأخذ جميع ما فيه من التمر، فغضب القاضي، ولم يخرج لصلاة الظهر، بل ولم يأت يوم الجمعة إلا بكلفة، بعد تدخل من نافع المذكور، وذلك في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة فعزله، واستناب الجمال المطري، وكذا ذكره المجد في تاريخها، فقال: كان إماما عالما بارعا، وفقيها فاضلا بارعا، تبحر في الأصول والفروع، وجمع بين المعقول والمشروع، والمفهوم والمسموع، مع الورع المتين، والدين المكين، وسلوك منهاج العلماء المتقين، شرح رسالة ابن أبي زيد شرحا بديعا، ممتعا جامعا، وشرح عمدة الأحكام شرحا على سائر شروحه فارعا، ووضع على تنقيح القرافي كتابا ما عرفنا أحسن منه وضعا، وأمكن منه واضعا، على أن تآليفه كلها نجوم لوامع، وتصانيفه جميعها بدور سواطع، وللغرائب جوامع، ومع ذلك، نقم عليه القاضي شرف الدين، لكونه أثبت محضرا لنافع بن مطرف، يشتمل على أن العهن قد باعه صاحبه في الحبس مقهورا، مغصوبا، مستضاما، فغضب القاضي غضبا لم يغضب مثله، وترك الصلاة بالناس أياما، ولم يحضر يوم الجمعة، إلا بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>