خادما للفقراء عنده. ولذا لما مات أبو القاسم أوصاه على أولاده، فخلف عليهم أحسن الخلافة، وكذا كان صاحب الترجمة مؤاخيا للحسن بن عيسى الحاجاني الماضي، وعاش هذا بعد ذاك مدة طويلة، فإن مات في أوائل سنة ست وستين وسبعمائة، وكان قد سمع (في البخاري) على ابن سبع سنة ست وخمسين وسبعمائة، ولخص شيخنا في درره ترجمته فقال: قال ابن فرحون، كان من علماء المالكية وجمع إلى العلم الكثير: الدين المتين والعقل الراجح، وحفظ في الفقه وغيره كتبا وقرأ التهذيب وابن الحاجب، وكان من كبار أصحاب الشيخ أبي هادي، مات في المحرم سنة خمس أو ست وستين، وممن ذكره: ابن صالح، فقال فيه: صالح: سكن المدينة واشتغل عليه فيها جماعة من الطلبة في فروع المالكية، وتزوج بها وولد له عدة من الذكور فتقدمه الذكور، وخلف ثلاث بنات، وأما المجد فقال: كان من الأفاضل المشهورين بالدين والورع وسن وفرع، مع الخلق الساجح والعقل الراجح والرأي الناجح والصبر الجميل والجبلة التي إلى غير الخير لا تميل، صحب المشايخ الأفراد والأولياء الأوتاد، أقام بالمدرسة الشهابية سنين، وهو بنفائس أنفاسه ضنين، وليس له إلى مقالة القالي حنين.
[٢٦٠٥ - عبد السلام بن عبد الوهاب بن المحب بن علي بن يوسف]
الزرندي المدني الحنفي، نزيل مكة، وشقيق عبد الواحد ومحمد وأخوه معاذ لأبيه، وهو أكبرهم وهذا أكبر الثلاثة، ولد في جمادي الأولى سنة خمس وثلاثين وثمانمائة بالمدينة ونشأ بها، فحفظ كتبا كالشاطبية والمختار وألفية النحو، وعرض على جماعة، وسمع على الجمال الكازروني وأبي الفتح المراغي والمحب المطري، ورأيت القارئ للبخاري- على الجمال سنة … وثلاثين-أثبته في السامعين فيحرر، بل قرأ على ثانيهم، وكذا الشمس محمد بن عبد العزيز الكازروني (في سنة سبع وأربعين) البخاري، ثم بعد على أبي الفرج المراغي، وكتب الخط الجيد وكتب بيده أشياء، ونظم الشعر وتكسب منهما ومن أولي المعروف، وهو ممن أكثر التردد إليّ وسمع عليّ، وكتب بعض تصانيفي وامتدحني، وحصل له (في أثناء سنة سبع وتسعين) سقوط في الحمام، وصار يمشي بتكلف على عكاز لطف الله بنا وبه، وقد قال لي: إنه دخل القاهرة غير مرة، وقرأ على شيخنا في البخاري، وينظر، وإنه قرأه بكماله على المجد بن الأقصرائي، وحضر دروس السعدي بن السعدي والجلال المحلي وغيرهما، وكذا دخل حلب فما دونها لطلب المعيشة وقطن مكة من سنة إحدى وسبعين، وسمع مني فيها أشياء بل كتب بعض تصانيفي، وليس بذاك مع شدة فاقته وتكرر طلبه الناشئ عن قوة حاجته وإلحاحه في ذلك، سيما من الواردين من سائر المسالك، وربما استعان في ذلك بنظمه، وليس بالطائل، أقول: وأقام بمكة على حاله حتى مات بها في آخر ليلة الأحد رابع رجب سنة