مع ما نقل من كون الحاكم صاحب مصر رام النقل للمشار إليهم بمصر. فكفه الله بحوله وقوته، كما أهلك من رام إخراج الشيخين خاصة، حسبما يجيء في ترجمة لهرون بن عمر.
ولما رام الخليفة-في سنة خمسين-نقل المنبر النبوي إلى الشام، محتجا بكون عثمان قتل بالمدينة بمواطأة أهلها، فلما حرك المنبر كسفت الشمس، بحيث رؤيت النجوم نهارا بادية، فتركه، وزاد في درجة واعتذر عما هم به، ثم رام عبد الملك بن مروان نقله، فذكره بعض جلسائه بما تقدم، فكف، ثم هم ابنه الوليد بذلك، فحذر منه فترك، ثم إن سليمان بن عبد الملك قيل له ما وقع من أبيه وأخيه، فقال: مالنا ولهذا أخذنا الدنيا فهي في أيدينا، ونريد أن نعمد إلى علم من أعلام الإسلام يوفد إليه فنحمله هذا ما لا يصلح، والمعجزة فوق هذا.
إلى غير هذا من تعرض بعض الرافضة لبعض أهل السنة بالقتل والاتلاف، بحيث أتلفهم الله تعالى، وأجرى أهل السنة على ما تفضل الله عليهم به بدعاء صاحبها صلّى الله عليه وسلّم، ومما اتفق: أنهم بينما هم في العمارة، بعد الحريق الثاني المشار إليه، إذ دخل جمل -كان ضعف عن العمل، فراموا نحره-إلى المسجد النبوي. شبه المستجير به، فأمر ناظر العمارة بعدم التعرض له وإعفائه من غير قطع لعلفه وسقيه، بل في مصر ثلاثين وسبعمائة:
جيء إلى مكة مع الركب العراقي بفيل، وأحضر المشاعر، ثم مضوا به إلى المدينة النبوية، فمات بقربها بعد عجزهم عن التقدم إليها خطوة، وقريب مما قبله: الجمل الذي رام صاحبه ذبحه لسنه، فإنه فر إلى المسجد الحرام، وعجزوا عن إخراجه منه، وباتوا يحرسونه خوفا على المطاف منه. فلما كان الثلث الأخير هجم فدخله، فطاف ثلاث أشواط ثم ذهب الثالث إلى جهة المقام الحنفي، فسقط ميتا، فدفن مكانه، ولكن تعجبت من دفنه هناك.
[ذكر ما تيسر ممن استعملهم]
النبي صلّى الله عليه وسلّم على المدينة الشريفة، حين بروزه للغزوات ونحوها، ثم من يليه من الخلفاء الراشدين، فمن بعدهم، لا على وجه الاستيعاب، بل بحسب الامكان، واقتضاء الانتخاب، فأول من أرسله صلّى الله عليه وسلّم إليهم: مصعب بن عمير، قبل الهجرة، وبعد العقبة الأولى، ليصلي بهم ويقرئهم القرآن، ويفقههم في الدين والإسلام، وكان المؤذنون في زمنه صلّى الله عليه وسلّم: بلال، وهو أول مؤذن في الإسلام، وابن أم مكتوم، وسعد القرظ. كان في الزمن النبوي، وأبي بكر يؤذن-فيما قيل-بمسجد قباء، نقله إما أبو بكر أو عمر للمسجد النبوي، وزياد بن حارث الصدائي، وأبو محذورة الجمحي، وكان من أندى الناس صوتا، سعد بن عبادة في ودان، وفي غزوة ذي قرد، مع ثلاثمائة من قومه يحرسونها، السائب بن