قرتيع من تجار اليمن ذوي المعروف من غير سبق معرفة بينهما، بل أخبرنا العلامة الشمسي الخواردي وكان عندنا مجاورا أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلّم في النوم وقد جمع غرماء عبد الله وصار يتعطفهم ويأمرهم بالإسقاط عنه والصبر عليه، وابن الزبير حاضر بين يديه، والجماعة يجيبون النبي صلى الله عليه وسلّم إلى ما سألهم، وهو عليه السلام مسرور بذلك منهم، فصحت الرؤيا، وظهرت عنايته صلى الله عليه وسلّم به رحمه الله. قال ابن فرحون وقال ابن صالح: إنه قدم المدينة مجاورة أبيه، وبقي في صحبته مدة، ورتب في الأذان. وكان حسن الصوت قراءة ومدحا، وانتفع به الناس. ولما مات دفن بالبقيع قريبا من أبيه وهو في درر شيخنا.
٢٠٣٤ - عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزي بن قصي بن
كلاب أبو بكر:
وأبو خبيب، وبهما كناه مسلم، القرشي الأسدي المدني الصحابي، ممن له رواية كأمه أسماء وأبيهما الصديق، أفضل الخلق بعد الرسول صلى الله عليه وسلّم وأبيه أبي قحافة، وهو أول مولود في الإسلام بالمدينة سنة اثنتين من الهجرة بقباء، وسر المسلمون بولادته وكبروا حتى ارتجت المدينة لكونهم لما قدم المهاجرون، أقاموا لا يولد لهم، فقالوا: سحرتنا يهود حتى كثرت في ذلك القالة، وأمر النبي صلى الله عليه وسلّم جده أبا بكر فأذن في أذنيه بالصلاة، وحنكه النبي صلى الله عليه وسلّم بثمرة مضغها، فكان أول شيء دخل في جوفه الريق المبارك، ثم دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلّم وبرك عليه، وتوفي صلى الله عليه وسلّم وهو ابن ثمان سنين وأربعة أشهر. روى عن النبي صلى الله عليه وسلّم وعن خالته أم المؤمنين عائشة وكذا روى عن أبيه والشيخين وعثمان، وعنه: ابناه عامر وعباد، وأخوه عروة وابنه محمد، وخلق. وشهد وقعة اليرموك، وغزا القسطنطينية والمغرب، وله مواقف مشهودة، وكان فارس قريش في زمانه، وقال نوف البكالي: إني لأجد في كتاب الله المنزل: أنه فارس الخلفاء بل لم يكن ينازع في ثلاث الشجاعة والعبادة والبلاغة، وبويع بالخلافة في سنة أربع وستين، وحكم على الحجاز واليمن ومصر والعراق وخراسان وأكثر الشام، وكان معاوية يلقاه فيقول: مرحبا بابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وابن حوارية، ويأمر له بمائة ألف، وقال ابن عباس: إنه قارئ لكتاب الله عتيق في الإسلام أبوه الزبير وأمه أسماء وجده أبو بكر وعمته خديجة وخالته عائشة وجدته صفية، والله لأحاسبن له نفسي محاسبة لم أحاسب بها لأبي بكر وعمر. وقال غيره: إنه قوام الليل صوام بالنهار، يسمى حمامة الحرم، وإذا كان في الصلاة كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك، وما كان باب من العبادة يعجز الناس عنه إلا تكلفه ولقد جاء سيل طبق البيت، فجعل يطوف سباحة، ولم يزل بالمدينة في خلافة معاوية ثم خرج إلى مكة ولزم الحجر، وحرض على بني أمية وعاذ بالبيت، فكتب يزيد بن معاوية لوالي المدينة عمرو بن سعد أن يوجه إليه جندا فبعث لقتاله أخاه عمرا في ألف، فظفر ابن الزبير بأخيه وعاقبه، ونحى الحارث بن يزيد عن الصلاة بمكة، وجعل مصعب بن عبد الرحمن بن عوف يصلي بالناس والتفت على ابن الزبير خلائق كثيرون، وحج بالناس عشر سنين آخرها سنة إحدى وسبعين، ودعا لنفسه فبويع،