للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

توطنه بمكة وزواجه فيها-أقام بالمدينة على قدم التجرد والوحدة والسياحات، ثم تزوج بالمدينة في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة الحرة الصالحة العابدة ستيت أم محمد ابنة علي اليماني، ثم فارقها وارتحل إلى مكة، ولم يزل يتردد إلى المدينة ويجاور بها، ومناقبه وكراماته وأقواله وعلومه ومصنفاته ومجاهداته لا يحصرها أحد. ولا تنتهي بالعد، كما قيل:

يفنى الكلام، ولا يحيط‍ بوصفه … حسب المبالغ أن يكون مقصرا

وكثير من الصالحين يشير إلى أنه قطب مكة، وهو جدير بذلك، واتفق سنة ست وستين وسبعمائة مجيئه مع القافلة للزيارة، فجاء بزوجتيه: ابنة القاضي نجم الدين وأم أولاده الشهاب الإمام فتوفيت الأولى في أواخر شعبان، ثم الثانية في أول ليلة من رمضان ودفنتا في قبلة قبة إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلّم، فلما كان بعد العيد خطب إليّ ابنتي ملوك التي كانت زوج عيشي الهشكوري فزوجتها معه، وجار بركبه، انتهى. كانت وفاته في جمادى الثانية سنة ثمان وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بجوار الفضيل بن عياض من المعلاة، وبيعت حوائجه الحقيرة بأغلى الأثمان بحيث بيع له مئزر عتيق بثلاثمائة درهم وطاقية بمائة. ومن نظمه:

ألا أيها المغرور جهلا بعزلتي … عن الناس ظنا أن ذاك صلاح

تيقن بأني حارس سر كلبة … عقور لها في المسلمين نباح

ونادى منادي القوم باللوم معلنا … على يافعي، ما عليك جناح

وقوله:

يا غائبا وهو في قلبي يشاهده … ما غاب من لم يزل في القلب مشهودا

إن فات عيني من رؤياك حظهما … فالقلب قد نال حظا منك محمودا

وقال شيخي في درره: نشأ على خير وصلاح وانقطاع، ولم يكن في صباه يشتغل بشيء من القرآن والعلم ودخل مصر، وزار الشافعي، وأقام بالقرافة، وحضر عند حسين الجاكي والشيخ عبد الله المنوفي، وزار الشيخ محمد المرشدي. وذكر أنه بشر بأمور، وكان يتعصب للأشعري، وله كلام في ذم ابن تيمية ولذلك غمزه بعض من يتعصب لابن تيمية من الحنابلة وغيرهم، وكان منقطع القرين في الزهد. أخبرني شيخي أبو الفضل العراقي:

إنه قال لهم في كلام ذكر فيه الخضر إن لم تقولوا أنه حي وإلا غضبت عليكم، وحفظ‍ عنه تعظيم ابن عربي والمبالغة في ذلك.

[١٩٧١ - عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم الشيرازي الأصل]

المدني، ثم نزيل مكة،

<<  <  ج: ص:  >  >>