الإمام أبو عبد الله الأنصاري الأندلسي القرطبي، ثم المدني، المكي، قال القطب القسطلاني في ارتقاء الرتبة له:
وصحبت الشيخ الإمام العارف أبا عبد الله القرطبي بالمدينة، وقرأت عليه فيها ختمة، وسمعت عليه بها وبمكة، وكان يلحظني وينوه بي ويكرمني وأنا في بركته، وحكى أنه كان يقرأ عليه بهذا الأدب وعاب علي فرجعت وأنا منكسر، فدخلت المسجد وقعدت عند القبر الشريف فلم ألبث أن جاءني وأنا على تلك الحالة، وقال: قم فقد جاء فيك شفيع لا يرد … انتهى، وهذه منقبة عظيمة لكل منهما، وقد ترجمه المنذري بأنه تلى بالروايات على أبي القاسم الشاطبي، وسمع منه ومن جماعة من شيوخ مصر، وكذا سمع بمكة وإسكندرية، وحدّث، وأقرأ، وانتفع به جماعة، وحج مرارا وأكثر المجاورة عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلّم، وبرع في التفسير والأدب، وكان له القبول التام بين الخاص والعام، مثابرا على قضاء حوائج الناس، سمعت منه وسمعته يذكر ما يدل على أن مولده سنة ثمان أو سبع وخمسين وخمسمائة، وتوفي في ليلة مستهل صفر سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ورأيت غيره أرخه في سنة تسع وعشرين وستمائة بالمدينة النبوية، والقولان حكاه التقي الفاسي، فأولهما عن المنذري والرشيد العطار وابن المسدي والذهبي، وثانيهما عن غيره، وخطأه وطول ترجمته، وممن يروي عنه القطب القسطلاني، وأنشد له من نظمه:
لو كنت أعقل ما أطبقت مقلتي … وكان دمعي على الحديث يستبق
كأنه شمعة يبدو توقدها … لمن أراد اهتداء وهي تحترق
وأبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن المري الحوراني، وقال إنه قال له: روى النبي صلى الله عليه وسلّم في المنام، فسأله أن يعلمه كلمات في الاستخارة فعلمه: اللهم رب محمد أسألك بترابه الطيب الطاهر وما ضمه من أعضائه ورفقته به إلى ملكوتك الأعلى أن تعزم لي على أحب الأمور إليك مني، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا حول ولا قوة إلا بالله فقوله ثلاثا، وكان إذا جاءه أحد من الأشراف يقوم له ويستمر قائما حتى يقضي الشريف حاجته أو ينصرف أو يجلس، وله أخبار مع الملك الكامل في حق شرفاء المدينة وتعظيمهم، وممن كان قريبا من تاريخه من قرطبة ثلاثة علماء، وهم:
أبو العباس أحمد بن علي صاحب المفهم (مات سنة ست وخمسين وستمائة)، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج (بالمهملة، مؤلف التفسير والتذكير، مات سنة إحدى وسبعين وستمائة)، وأبو العباس أحمد بن فرج، بالمهملة.