للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما أخذه عنه تصنيفه القول البديع، قراءة ومناولة، وألفية العراقي وجملة من الكتب الست، والموطأ مع المسلسل بالأولية وبالمحمدين وحديث زهير العشاري، وبعض ذلك بلفظه، وامتدحه بقصيدة أنشده إياها لفظا وكتبها مع غيرها من نظمه وغيره بخطه، وأذن له في الإفادة وكتب له إجازة حسنة، ومن شيوخه أيضا في الفقه: موسى الحاجبي، ويحيى الهواري، وفي الفنون: السيد السمهودي … وأظنه أخذ عن الجوجري، ثم رأيت معه بخط‍ الشيخ الجوجري إجازة لصاحب الترجمة، وذكر فيها: أنه قرأ عليه قطعة من ألفية ابن مالك سنة أربع وسبعين، وبعدها في سنة ثمان وسبعين من أول التوضيح لابن هشام إلى اشتغال العامل عن المعمل، وأذن له أن يدرس فيها، ويفيد من شأنه الاستفادة … انتهى، ولم يزل يجتهد حتى ولي قضاء مكة المشرفة بعناية الخواجا ابن قاوان سنة تسع وسبعين وقطنها سنة اثنتين وثمانين، وتزوج ابنة الجمالي بن نجم الدين بن ظهيرة، ورسخت قدمه بها، وأقرأ الطلبة في الفقه وغيره، وأفتى وتصدر بالمسجد الحرام مع استحضار لمذهب، وتميز في فن الأدب وحسن مذاكرة وظرف، ولطف عشرة وعقل وتودد وأوصاف لائقة، وقد ترفع حاله بالنسبة لما كان وابتنى دارا هائلة، ورافع فيه بعض من كان في خدمته وتكلم بكلام كثير، وكاد أن يتزحزح، فخذله الله، وكذا كانت بينه وبين الحنبلي بعض مراجعات من الجانبين، ثم لما ماتت زوجته المشار إليها وتزوج بعد بابنة الشريف أصيل، فلما مات، وكانت زوجته أخت قاضي الحنفية بمكة كانت بينهما مراجعات بسبب ميرانه، استحسنت كلامه فيها، ومع ذلك فلم يظفر بطائل، ثم كانت بينه وبين عبد الله بن الشيبي مفاوضة بسبب وقف الخلجي في سنة إحدى وتسعمائة … لم أحمد صنيعه فيها مع عقله، والله يؤيده ويحمله، ومن نظمه:

إن كنت ترجو من الرحمن رحمته … فارحم ضعاف الورى يا صاح محترما

واقصد بذلك وجه الله خالقنا … سبحانه من إله قد برى النسما

واطلب جزاء ذاك من مولاك رحمته … فإنه يرحم الرحمن من رحما

أقول: وله نظم ونثر وعدة مؤلفات، كتبتها من إملائه لأنه بعد المؤلف انفرد بمكة المشرفة وصار من أكابرها ومرجع أهلها، وتقدم عند سلطانها، وقدم القاهرة بسببه مدة بعد أخرى فأكرمه ملكها وأنعم عليه بخلعة سنية وإنعامات مرضية، وفوض إليه الحكم حيث حل فحكم بجدة والطائف، ونال جملة من اللطائف، ثم قدر الله تعالى أنه دخل القاهرة صحبة الشريف أبي نمي ابن صاحب مكة السيد بركات الحسني سنة ثماني عشرة وتسعمائة فواجه ملكها وعاد مع الحاج، فتحرك عليه ريح القولنج وهو نازل من عقبة أيلة، فأسكت من وقته، ومات بها في يوم الجمعة سلخ ذي القعدة فجهز ودفن

<<  <  ج: ص:  >  >>