للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن الحسن-ضمنا الحسن بن محمد، فأطلقه من الحبس، وكانت العادة: أن يعرض المضمون، فغاب الحسن عن العرض يومين، فأحضر العمري الضامنين، وسألهما عنه، وأغلظ‍ لهما، فحلف له يحيى أنه لا ينام حتى يأتيه به، أو يدق عليه بابه، ويعلمه بأنه جاءه، فلما خرجا: عقبه الحسين على حلفه، وقال إنه له: من أين تجد حسنا؟ فقال له: والله لابت حتى أضرب عليه باب داره بالسيف، فقال له الحسين: إن هذا ينقض ما كان بيننا وبين أصحابنا من الميعاد، فإنهم كانوا قد تواعدوا على أن يظهروا بمنى ومكة في الموسم، فقال يحيى: قد كان ذلك، فانطلقا، وعملا ذلك من ليلتهم، وخرجوا آخر الليل، وجاء يحيى حتى ضرب على العمري بابه، فلم يجبه، وجاءوا، فاقتحموا المسجد وقت الصبح، فلما صلى الحسين الصبح: أتى الناس، فبايعوه على كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وللمرتضى من آل محمد، وجاء خالد الترمذي اليزيدي في مائتين من الجند، وجاء العمري ووزيره اسحاق الأزرق، ومحمد بن واقد السروي، ومعهم ناس كثير، فدنا خالد منهم، فقام إليه يحيى وإدريس-ابنا عبد الله بن حسن-فضربه يحيى على كتفه فقطعه، ودار إدريس من خلفه فضربه فصرعه، ثم قتلاه، وانهزم أصحابه، ودخل العمري في المسودة، فحمل عليهم أصحاب الحسين، فهزموهم من المسجد، وانتهبوا بيت المال، وكان بضعة عشر ألف دينار، وقيل: سبعون ألفا، وتفرق الناس، فأغلق أهل المدينة أبوابهم، فلما كان الغد: اجتمع عليه شيعة بني العباس، فقاتلوهم، وفشت الجراحات في الفريقين، واقتتلوا إلى الظهر، ثم افترقوا، ثم أتى مبارك التركي في شيعة بني العباس من الغد-وكان قد قدم حاجا-فقاتل معهم، واقتتلوا أشد قتال إلى منتصف النهار، ثم تفرقوا، وقيل: إن مباركا أرسل إلى الحسين، يقول له: والله لأن أسقط‍ من السماء فتخطفني الطير أسهل عليّ من أن تشوكك شوكة، أو تقطع من رأسك شعرة، ولكن لابد من الإعذار، فيبتني، فإني منهزم عنك، فرضي عنه الحسين، وخرج إليه في نفر، فلما دنوا من عسكره صاحوا وكبروا، فانهزم هو وأصحابه، وأقام الحسين وأصحابه أياما يتجهزون، فكان مقامهم في المدينة أحد عشر يوما، ثم خرجوا لست بقين من ذي القعدة، فلما خرجوا عاد الناس إلى المسجد، فوجدوا فيه العظام التي كانوا يأكلون وآثارهم، فجعلوا يدعون عليهم، ولما فارق أهل المدينة، قال: يا أهل المدينة، لا يخلفني الله عليكم بخير، فقالوا: بل أنت لا يخلف الله عليك بخير، ولا ردك الينا، وكان أصحابه يحدثون في المسجد، فغسله أهل المدينة، ولما وصل الحسين مكة، أمر فنودي: أيما عبد أتانا فهو حر، إلى أن كان اقتتال الفريقين يوم التروية، فانهزم أصحاب الحسين، وقتل هو، وجيء برأسه إلى الهادي، فلما وضع، قال: كأنكم جئتموني برأس طاغوت من الطواغيت، إن قل ما أجزيكم: أن أحرمكم جوائزكم، فلم يعطهم شيئا، وقبره بظاهر مكة بطريق التنعيم، وتكررت عمارة أمراء مكة لقبة قبره، في زمن خلفائها العبيديين،

<<  <  ج: ص:  >  >>