طالت مدته، واختص عمن قبله بوضع مفتاح حاصل الحرم تحت يده دون القضاء.
وقد وصفهم ابن جبير في رحلته: بالسدنة الحارسين للمسجد، وأنهم فتيان أحابيش، وصقالبة ظراف الهيئات، نظاف الملابس والشارات.
وقال ابن النجار، إنه في سنة أربع وخمسين وخمسمائة: أنزل بيان الأسود الخصي أحد خدام الحجرة لكشفها، لأمر اقتضاه.
وقال أبو عمر بن عات إنه قد سمعت في نحو سنة سبعين وخمسمائة تقريبا هدة بالحجرة النبوية، فاختير للنزول لكشف ذلك بدر الضعيف، شيخ فاضل يقوم الليل ويصوم النهار، من فتيان بني العباس، وأحد القومة بالمسجد، فكأنه هذا وأحد الوصفين في اسمه غلط، أو حادثة أخرى.
وروى ابن عساكر في تاريخه-بسنده إلى أبي القاسم ثابت بن أحمد البغدادي-أنه رأى رجلا بالمدينة حين أذن الصبح، يقول عند القبر الشريف:«الصلاة خير من النوم»، فجاءه خادم من خدمة المسجد، فلطمه وذكر حكاية. ولولا ما يطرقها من احتمال أن لا يكون خصيا-مع نجده-لكانت أقدم ما وقفنا عليه في قدمهم.
(وعلى كل حال فلم يكونوا بهذا العدد).
ومما وقف عليهم نقادة وسنديس، المحتمل كونهما من تحبيس الناصر محمد بن قلاوون، والمباشر لهما الآن: المحب محمد بن محمد بن محمد بن أحمد المحرثي، متلقيا لذلك عن أبيه عن جده عن الشهاب السنديوني، المتوفى سنة سبع وتسعين وسبعمائة، كما أشير إليه فيما تقدم، والناظر عليهما الآن الزمام. أما أفتيانا: فالنظر لشيخهم أولا، وهو زائد الإجحاف في صرفها، ثم رأيت ابن فرحون، قال:«إن الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب هو الذي ثبت قاعدة الخدام في الحرم النبوي، وأوقف عليهم الأوقاف»، وكتاب الوقف موجود عندهم إلى يومه، وكان الموقوف عليهم: نحو عشرين خادما معينين، ثم من بعدهم على خدام الحرم النبوي، ثم أوقف عليهم الصالح بن الناصر محمد بن قلاوون وقفا آخر، فلهم منذ تقرروا في الحرم بالجامكية نحو مائتي سنة، يعني من تاريخه، انتهى.
ومن وظائفهم: حفظ المسجد نهارا، ومباشرة قفل أبوابه، والمبيت فيه لحراسته، مما هو الأصلي في ابتكارهم، وتنزيل القناديل وتعليقها للتعمير والوقود، وغسلها أو مسحها، وإسراج ما يوقد منها سحرا، والدوران بعد صلاة العشاء بالقناديل، لتفقد من يخشى من مبيته، ويرجعون عليه بالمنع، ولا يبيت فيه إلا الفراش لطفي القناديل، وفتح الأبواب،