للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التقي القناوي فكان يلاطفه ويكرمه، وعادت بركته عليه، وكذا أسمعه سنة سبع وثلاثين من الأمير سنجر الجاولي والقاضي تقي الدين الأخنائي المالكي وغيرهما من ذوي المجالس الشهيرة، مما ليس في العلو بذاك، ولكنه كان يتوقع وجود حضور له على التقي المشار إليه لكونه كان كثير الكون عنده مع أبيه، وكان أهل الحديث يترددون إليه للسماع معه لعلو سنده، فإنه سمع من أصحاب السلفي، فلم يظفر بذلك، ولو كان أبوه ممن له عناية لأدرك بولده السماع من مثل يحيى بن المصري، آخر من روى حديث السلفي عاليا بالإجازة، نعم أسمع بعد على ابن شاهد الجيش وابن عبد الهادي، وحفظ‍ القرآن وهو ابن ثمان، و «التنبيه»، وأكثر «الحاوي» وكان رام حفظ‍ جميعه في شهر، فمل بعد اثني عشر يوما، وعد ذلك في كرامات البرهان الرشيدي، فإنه لما استشاره فيه قال له: إنه غير ممكن، فقال: لا بد لي منه. فقال: افعل ما بدا لك، ولكنك لا تتمه، وكذا حفظ‍ «الإلمام» لابن دقيق العيد، وكان ربما حفظ‍ منه في اليوم أربعمائة سطر إلى غير ذلك من المحافيظ‍، ولازم الشيوخ في الدراية فكان أول شيء اشتغل به القراءات، وكان من شيوخه فيها: ناصر الدين محمد بن أبي الحسن بن عبد الملك بن سمعون، أحد القدماء، ولذا كان التقي السبكي يستدل بأخذ صاحب الترجمة عنه على قدم اشتغاله، والبرهان الرشيدي والسراج الدمنهوري والشهاب السمين. ومع ذلك: فلم يتيسر له إكمال القراءات السبع إلا على التقي الواسط‍ في إحدى مجاوراته بمكة، ونظر في الفقه وأصوله، فحضر في الفقه دروس ابن عدلان، ولازم العماد محمد بن إسحاق البلبيسي والجمال الأسنوي، وعنه، وعن الشمس بن اللبان أخذ الأصول، وتقدم فيهما بحيث كان الأسنوي يثني على فهمه، ويستحسن كلامه في الأصول، ويصغي لمباحثه فيه ويقول: إن ذهنه صحيح، لا يقبل الخطأ، وفي أثناء ذلك: أقبل على علم الحديث بإشارة العز بن جماعة، فإنه قال له وقد رآه متوغلا في علم القراءات أنه علم كثير التعب، قليل الجدوى، وأنت متوقد الذهن، فاصرف همتك إلى الحديث، فأخذه بالقاهرة عن العلاء التركماني الحنفي، وبه تخرج وعليه انتفع، وبيت المقدس وبمكة عن الصلاح العلائي، وبالشام عن التقي السبكي، وزاد تفننا باجتماعه بهما، وأكثر في الشام وفي غيرها من البلاد، كالحجاز عن شيوخه، فمن شيوخه بالقاهرة: الميدومي، وهو من أعلى شيوخه سندا، وليس عنده من أصحاب النجيب غيره، وبذلك استدل شيخنا على تراخي جده في الطلب عن سنة اثنتين وأربعين التي كان ابتداء قراءته فيها عشر سنين، لأنه لو استمر من الأوان الأول لأدرك جمعا من أصحاب النجيب وابن عبد الدائم وابن علاق وغيرهم، وكذا من شيوخه بها: أبو القاسم بن سيد الناس أخو الحافظ‍ فتح الدين، وناصر الدين محمد بن إسماعيل الأيوبي بن الملوك، وبمصر: ابن عبد الهادي ومحمد بن علي بن عبد العزيز القطرواني، وبمكة: أحمد بن قاسم الحرازي

<<  <  ج: ص:  >  >>