أبوه إلى العراق سنة أربع وثلاثين فأسمعه بها، وسمع من جده زين الأمناء، والموفق بن قدامة والمجد بن محمد بن الحسين القزويني وأبي القاسم بن مصري، وأبي محمد بن المنى، وجماعة بدمشق والقاهرة واسكندرية وخلق ببغداد، وأجاز له المؤيد الطوسي وأبو روح عبد المعز الهروي وأبو محمد القاسم بن عبد الله الصفار وإسماعيل بن عثمان القاري وعبد الرحيم بن سعد بن السمعاني وزينب ابنة عبد الرحمن الشعري في آخرين، وحدث بالكثير، سمع منه الأعيان: كالرضي بن خليل المكي وأخيه العالم والعلاء بن العطار والقطب الحلبي والجمال المطري وخالص البهائي، ومن طريقهما: اتصل بنا «إتحاف الزائر وأطراف القيم السائر» تأليفه، والبدر الفارقي، ومن طريقه: اتصل بنا «تمثال النعل النبوي» له، وكذا سمع منه البدر تأليفه في حراء، إلى غيرها من التآليف، وممن كتب عنه: أبو حيان والشهاب أحمد بن علي بن يوسف الحنفي منه إجازة، وله شعر حسن وخط كيس أثنى عليه غير واحد، ووصف بأنه كان ثقة عالما فاضلا، جيد المشاركة في العلوم، بديع النظم، صاحب دين وعبادة وإخلاص، وأن كل من يعرفه يثني عليه ويصفه بالدين والزهد، جاور أربعين سنة بمكة وكان شيخ الحجاز في وقته، ومات في جمادي الأولى (أو الآخرة) سنة ست وثمانين وستمائة بالمدينة النبوية، ودفن بالبقيع خلف قبة العباس عن ثلاث وسبعين سنة، قال ابن رشيد: وكان قد حج من بغداد سنة خمس وثلاثين، ورجع إلى الشام ونال بها وبمصر الرتبة العليا والجاه العظيم عند السلطان، ولم يزل كذلك إلى سنة سبع وأربعين، حتى وصل الفرنسيس إلى الديار المصرية في العام المعروف بعام دمياط، عام ضباط دمياط، فأقام بالمنصورة مع المحلة إلى أن اشتد أمر العدو في بعض تلك الأيام، فاتفق هو وبعض أصحابه على التهيؤ للجهاد حتى يستشهدوا، فخرجا وقاتلا، ففاز ذاك بالشهادة وتأخر هو لما أراد الله له من أنواع السعادة، فعاد إلى العسكر جريحا، حسبما ذكره في مؤلفه في غزوة دمياط، وحين انقضى أمر العدو: رأى أن لا يرجع في هيأته، فتوجه إلى حرم الله المكي فاستوطنه، ولم ينفك عنه مع كثرة ترغيب الملوك له ورغبتهم في وفوده عليهم شاما ويمنا لم يخرج منه إلا إلى الزيارة النبوية، وإلى ذلك أشار بقوله: