للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وارتحل في أثناء ذلك وبعده إلى القاهرة غير مرة، أولها: في سنة أربع وسبعين، وأخذ عن الأمين الأقصرائي والزين قاسم الفقه، وغيره من الأصلين والعربية وغيرها، وعن التقي الحصني في عدة فنون، بل قرأ عليه القطب، وعن الشمس الجوجري في الأصول، في آخرين كالعلاء الحصني قرأ عليه في القطب مع الحاشية عليه للسيد، والزين زكريا والسمهودي قرأ على كل منهما في تسهيل ونظام ابن الجيبغا، ولازمه في أشياء، وسمع على الأميني والشهاب الشاوي والفخر الديمي وغيرهم وكذا لازمني حتى قرأ على ألفية الحديث بحثا وغيرها من الكتب رواية، حتى في مجاورتي الأولى بالمدينة ثم قرأ في سنة أربع وتسعين بمكة قطعة من شرحي على الألفية ووقعت نسخة من هناك تحت نظره، وتميز في غالب الفنون، وكتبت له إجازة حافلة بل أذن له جمع ممن تقدم في الإفتاء والتدريس، وولي مشيخة الزمامية بمكة وقتا، ثم أعرض عنها لعدم رغبته في الإقامة بغير بلده كما أعرض عن دخول مصر لعدم الفائدة فيها، وتقنع بالسير، وكان شيخ الخدام قانم ممن يستفيد منه، ثم تزايد اغتباط‍ شاهين الجمالي به، وإقباله على الاستفادة منه وعيبه، حتى سافر في موسم سنة سبع وتسعين إلى الروم في استخلاص أوقاف الحرمين، ثم عاد في موسم سنة التي تليها، وقد استقر عن مالكها في تدريس الحنفية واتفق له وما ناله من هناك سيما وكان قد شرع في بناء بيت بالمدينة ركبه الدين بسببه، وأقرأني سنة وفاته بعض العجم .... شرح البابية، ولم يكمله، والبردة وغير ذلك، وبالجملة فهو فاضل، علامة، ذكي، بارع، متقن، سريع الفهم والحركة، طارح التكلف كثير الأدب، زائد الاغتباط‍ بتصانيفي، وليس بالمدينة حنفي مثله، درس وأفاد بالمسجد النبوي وغيره، في الفقه والعربية وغيرهما، وتأسفت حين مجاورتي الثانية بالمدينة على غيبته عنها، ولما جاء تكرر اجتماعه معي بمكة وفارقني في أيام الثمان في سنة تسع وتسعين راجعا لبلده بعد الحج، فمات حين وصوله إليها في أواخر ذي الحجة سنة تسع، وترك أولادا أربعة من ابنة البرهان الششتري، رحمه الله وإيانا، ومن نظمه:

. الخطايا ثم حيتك تائبا … وفي توبتي ما قد علمت من النقص

وإني لأرجو العفو عما جنيته … لأني رأيت الفضل يشمل من يعص

وقوله:

حملت ذنوبا أثقل الظهر حملها … وهذا كتابي للقبائح جامع

وو الله مالي صالح قد عملته … ولكنني في رحمة الله طامع

وقوله:

إذا ضاق صدري أو تبلد خاطري … وأصبح فكري بالهموم يوزع

<<  <  ج: ص:  >  >>