للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وعنه وعن غيره أخذ النحو والحديث عن الجمال بن ظهيرة والزين العراقي والشهاب بن حجي) وأذنوا له في التدريس والإعادة، ولازم الجمال كثيرا وينصر به في الحديث ومتعلقاته، وكذا أخذ عن رفيقه شيخنا وانتفع به كثيرا، وولي قضاء مكة في شوال سنة سبع وثمانمائة من قبل الناصر فرج، فكان أول مالكي ولي بمكة استقلالا، ورتب له على ذلك معلوما، وقرئ بتوفيقه بالمسجد الحرام في أوائل ذي الحجة منها بحضرة أمير الحاج كزل العجمي وغيره من أعيان الحجاج والمكيين، ثم في سنة أربع عشرة درس المالكية بالمدرسة النيحالة بمكة ثم صرف عنها، ثم عن القضاء غير مرة، اخرها بالكمال أبي البركات محمد بن محمد بن الزين القسطلاني المكي في أواخر سنة ثمان وعشرين، لما ذكر عنه من العمى، فإنه كان في الأصل أعشى، ثم ضعف نظره جدا، فقدم القاهرة في أوائل التي تليها فأفتاه فضلاء مذهبه بمقتضى مذهبهم في كون العمى لا يقدح إذا طرأ على القاضي المتأهل، بل أفتى آخرون منهم بأنه لا يمنع ابتداءا فضلا عن طروه، واستتابه قاضيها البساطي، وحكم بالصالحية منها، ثم أنهى أمره إلى السلطان ووصف بما يستحقه فأعيد ورجع إلى مكة، فلم يلبث أن سعى عليه المذكور حتى عزل ثانيا في أوائل سنة ثلاثين، فامتنع محبوه من السعي له، بل استمر معزولا حتى مات، وكان رحمه الله قد اعتنى بأخبار مكة، فأحيا معالمها، وأوضح مجاهلها وجدد مآثرها وترجم أعيانها، وكتب لها تاريخا على نمط‍ تاريخ الأزرقي مقتصرا شبه فيه على المقاصد المهمة مع ضم زوائد نفيسة مما عدد بعده، وسماه تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام، ورتبه على أربعة وعشرين بابا، وأهدى منه نسخا إلى ديار مصر والغرب واليمن والهند، ثم إنه استطال الباب الأخير فقسمه أبوابا بلغت أربعين، وزاد فيه أشياء كثيرة مفيدة، تكون نحو مقداره أولا، بحيث لم يخل باب من أبوابه من زيادة مفيدة، وأصلح في كثير منه مواضع كثيرة، ظهر له أن غيرها أصوب منها، وقدم وأخر، فجاء كتابا حافلا في مجلد سماه شفاء الغرام بأخبار البلد، ثم اختصره مرة بعد أخرى إلى ستة، بل عمل العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين مشتملا على تراجم مع غيرها، ثم اختصر مرة بعد أخرى، إلى غيرهما من التآليف كالذيول على سير النبلاء، والإشارة على تراجم مع غيرها، ثم اختصره مرة أخرى إلى غيرهما من التآليف كالذيول على، والأعلام بلا .... للذهبي، والتقييد لابن نقطة، وكالمقنع من أخبار الملوك والخلفاء وولاة مكة الشرفاء في كبير وصغير، وكالأخرويات مسودة وجزء من الأذكار والدعوات ومسك على مذهب الإمام الشافعي ومالك، واختصر حياة الحيوان، وخرج لجماعة من شيوخه، بل عمل المتباينات الأربعين والفهرست، كلاهما لنفسه، وحصل الانتفاع بما حصله النجم بن فهد منها، وضيق في اشتراطه في وفقها أن تعاد لمكي، وقد حدث بالحرمين والقاهرة ودمشق وبلاد اليمن، وكان إماما، علامة، فقيها، حافظا، مفوها،

<<  <  ج: ص:  >  >>