في شيئين: في الرمي وطلب العلم، فنلت من الرمي حتى كنت أصيد من عشرة عشرة، وسكت عن العلم، فقيل: أنت والله في العلم أكبر منك في الرمي، ومناقبه لا تنحصر، أوردها خلق من الأئمة، خلفا عن سلف (اجتمع لي منهم نحو الأربعين)، فكان آخرهم شيخا وكنت كراهة من كلماته، ومواعظه، وحكمه، وشعره، وثبت عنه قوله: رأيت علي بن أبي طالب في النوم فسلم عليّ وصافحني، وخلع خاتمه فجعله في إصبعي، ففسرها لي عمي فقال: أما مصافحتك لعلي فأمان من العذاب، وأما خلع خاتمه وجعله في إصبعك فسيبلغ اسمك ما بلغ اسم علي، وعن ابن عبد الحكم: إن أمه لما حملته كان السعدي خارج من فرجها حتى أنقص بمصر، ثم وقع في كل بلد منه بشطيه، فتأوله أصحاب الرؤيا: أنه يخرج عالم يخص علمه أهل مصر ثم يتفرق في سائر البلدان، انتهى، وهو المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلّم:«اللهم اهد قريشا فإن عالمها يملأ طباق الأرض علما»، وبه صرح أبو نعيم عبد الملك بن محمد، حيث قال: فيه علامة شبه للميزان: المراد به رجل من علماء هذه الأمة من قريش قد ظهر علمه وانتشر في البلاد، وهذه صفة لا يعلمها قد أحاطت إلا بالشافعي إذا كان كل واحد من قريش من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وإن كان علمه قد ظهر وانتشر، فإنه لم يبلغ مبلغا يقع تأويل هذه الرواية عليه إذ كان لكل واحد منهم نتف وقطع من العلم ومسائل، وليس في بلدة من بلاد المسلمين مدرس ومفتي ومصنف يصنف على مذهب قريش إلا على مذهب الشافعي، فعلم أنه المعني لا غيره، وقال أحمد: إن الله يفيض لهذه الأمة في كل مائة سنة من يعلمهم السنن وينقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم الكذب، فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشافعي، ومن بديع كلامه من استغضب فلم يغضب فهو جمال، ومن استرضى فلم يرض فهو شيطان، ومن ذكر فلم ينزجر فهو محروم، ومن تعرض لما لا يعنيه فهو الملوم، ومن اقتصر على علمه لم يشعر بكثرة العلم، ويحتاج طالب العلم إلى ثلاث خصال: أولها طول العمر، والثانية سعة ذات اليد، والثالثة: الزكاة، وإذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأني قد رأيت النبي صلى الله عليه وسلّم، وفي رواية: لكأني رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأني قد رأيت النبي صلى الله عليه وسلّم، وفي رواية: لكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم، ومن نظمه:
وقد يهجو الزمان بغير جرم … ولو نطق الزمان به هجانا
ديانتنا التصنع والترائي … فنحن به نخادع من يرانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب … ويأكل بعضنا بعضا عيانا
مات في آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين بمصر، وقبره بالقرافة طاهر يزار،