والأجزاء أشياء، وطلب بنفسه وقرأ الكثير وكتب الطباق وضبط الأسماء … وكان يخرج في هذا النوع بالصلاح الأفقهي، فقد وصفه بخطه، بمفيدنا وتنبه وبرع في الفقه وأصوله والنحو والتصوف، وأتقن جملة من ألفاظ الحديث وغريب الرواية، وشرح المنهاج الفرعي شرحا حسنا مختصرا في ثلاث مجلدات سماه المشرع الروي في شرح منهاج النووي، أخذ عنه البرهاني بن ظهيرة وابن شعبان وغيرهما، واختصر فتح الباري لشيخنا في نحو أربعة مجلدات، وسماه تلخيص أبي الفتح لمقاصد الفتح: وهو شبه المنتقي، وحدث باليمن ودرس بها، وممن قرأ عليه بها التقي بن فهد وغيره من القدماء، وبنى لأجله بعض ملوكه بها مدرسة وجعل له فيها معلوما وافرا كان يحمل إليه بعد انتقاله عنها برهة، وكذا حدث بالمدينة بعد سؤال أخيه أبي الفرح له في ذلك وتوقفه فيه تأدبا مع الجمال الكازروني لتقدمه في السن عليه، فقرأ عليه أخوه المذكور الصحيحين والشفا بالروضة، وكذا قرأ عليه آخرون: كأبي الفتح بن تقي، ولم يلبث أن قتل أخوه الكمال أبو الفضل، كما أسلفت في ترجمته، فكان ذلك سبب انتقاله إلى مكة، وذلك في سنة أربع وأربعين، واستمر بها حتى مات، بل كان ممن تردد عليها قبل ذلك مرارا، أولها سنة ثمان مائة وجاور بها سنين، وحدث بها بالكتب الستة وغيرها، واشتهر ذكره فيها بحيث استقر في مشيخة الخانقاه الزمامية بها بعد موت شيخها أحمد الوسيط في سنة خمسين، ثم استقر به الجمال ناظر الخاص في مشيخة مدرسته التي أنشأها ...... أول ما أتيت ...... في سنة سبع وخمسين، وجعل وقت حضورها بعد صلاة الصبح لأجله والظاهر جقمق في أسماع البخاري، مضافا لمشيخة التصوف بالزمامية، وأخذ عن الأكابر من أهلها والواردين من سائر الآفاق عليها، وكنت ممن أخذ عنه الكثير وبالغ في الإكرام والاحترام حتى أنه اقتبس مني حسبما كتبه بخطه الإجازة لولده، وكان يسلك في تحديثه التحري والتشدد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلّم ويترضى عن الصحابة كلما ذكروا، ويفتتح المجلس بالفاتحة وبسورة الإخلاص ثلاثا ويهديها لمشايخه، كل ذلك مع الثقة والأمانة والصدق والعبادة وكثرة التلاوة والزهد والورع والتواضع والهضم لنفسه وطرح التكلف في مسكنه ومطعمه وملبسه والتقنع باليسير والاقتصاد وحسن التأني ...... عن الناس والإقبال على ما يهمه وقلة الكلام فيما لا يغنيه، وشدة التحري في الطهارة والغضب لله وعدم الخوف في الله من لومة لائم، والهيبة والوقار وسلوك الأدب وتسكين الأطراف ونور الشبه وحسن الاعتقاد في المنسوبين للصلاح، سالكا طريق شيخه في تحسين الظن بابن عربي مع صحة عقيدته، وربما عيب بذلك بحيث سمعت من شيخنا إنكاره عليه بسببه وعدم ارتضائه لاختصاره الفتح، وكان الشيخ محمد الكيلاني المقري وغيره يناكفه وينكر إقامته برباط ربيع في سفح إجبار الصغير، وهو صابر لشدة تحريه، قل من كان يحسن القراءة عليه سيما وفي خلقه