سماه أبوه، ونشأ في حجر أبويه، فلما بلغ ستا-أو سبعا-توجه به أبوه لمولانا الضياء علم آسام، حتى قرأ عليه شيئا من القدوري، وحفظ سورا من القرآن، والترشيح في اللغة، والكافية في النحو لابن الحاجب، والفرائض السراجية، والمنظومة في الفقه للنسفي، ومختصر الأخشيكتي في أصول الفقه وغيرها، وبحثها على أبيه، ثم لازم العلامة العلاء البرهاني الخجندي، حتى قرأ عليه من تأليفه مختصر القصارى في الصرف مرارا، ومختصراته في الفرائض، وأبوابا من كتابه الذي جمعه في فتاوى المذهب، ولم يكمل، ولم ينفك عنه حتى مات، فلزم ولده الكبير، البرهان محمدا، حتى قرأ عليه بعض كتاب النحو، وكتاب ذوي الأرحام لوالده، ثم فارقه وهو كهل، ولازم أوحد الدين المنيري دهرا في قراءة الجبر والمقابلة، والصرف، والعربية، والعروض، والتحديات، والألف المختارة للغزي، وفي أخذ خمسمائة بيت من نظمه فأكثر، وغير ذلك، ولما مات رآه بعد موته بثلاثة أيام، وكأنه رام القراءة عليه على عادته، فامتنع وأشار بجلوسه مكانه، ومن شيوخ الجلال أيضا:
سيف الدين الحسامي، هو أخو جدته، وخال والدته، قرأ عليه ديوانه، والزبدة مختصر القانون في الطب، والمقامات للحريري، وجماعة آخرون، كل هؤلاء ببلدة خجند، ثم ارتحل منها، وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، في سحر خامس عشر رمضان سنة إحدى وأربعين إلى سمرقند، فلقي بها العلامة: شمس الأئمة ابن حميد الدين الزرندي، فحضر درسه، وخواجا حسام الدين بن عماد الدين، وكبير الدين فحضر درسها ووعظهما، وزار من بها من السادات، كقثم بن العباس، وأبي منصور الماتريدي، وصاحب البزدوي، والهداية، والمنظومة، وغيرهم من العلماء والمشايخ المدفونين بمقبرة جاكره دره، ثم بخارى، ونزل فيها بمدرسة خان، وهي مدرسة قديمة مباركة مشرفة بكثير من العلماء، ولقي بها صدر الشريعة، فحضر عنده، واستفاد منه، وسيف الدين الفريري، فقرأ عليه العمدة الحافظية في أصول الكلام، وسمع عليه بعض الأخشيكتي وغير ذلك، وعلاء الدين الغوري، فأخذ عنه الجامع الصغير الحسامي، قراءة وسماعا، والسيد الشمس السمرقندي، فسمع عليه بعض تلخيص المفتاح، والعماد الكلكي، فحضر درسه وفوائده، والحسام الباعي، فحضر وعظه، وحميد الدين البلاساغوني، فقرأ عليه اللب في النحو الا يسيرا من آخره، والنجم الوابكني، وكان لقاؤه لهما بوابكن-قرية من بخارى-وهما بمدرسة فيها، ثم نحو من ثمانين طالبا، وأقام ببخارى سنة وثلثا، وزار من بها من العلماء، والكبراء، كأبي حفص، وشمس الأئمة الحلواني، والكردي، وحافظ الدين الكبير، وأبي الكلاباذي، وسيف الدين الباخوزي، وسائر من تبتغي زيارته هناك، ثم دخل خوارزم على درب فرير من جيحون، وسكن فيها بالمدرسة البيكية، ووافى بها من محققي العلماء شيوخا وكهولا وشبانا عددا كثيرا، وأما من الطلبة: فنحو ألف طالب نبلاء أذكياء، ولأهل العلم والدين فيها رونق تام، وبهجة، وحرمة