محمد، وحج بالناس سنة سبع وعشرين ومائة، بل كان واليها قبل ليزيد بن الوليد بن عبد الملك، ثم أثبته مروان عليهما، ثم عزله عنهما-وكان في خلافه مروان بن محمد بن مروان بن الحكم على قضاء المدينة-بشيبة بن نصاح المقري التابعي، وعلى إمرتها-مع مكة والطائف عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي وليها سنة ثلاثين ومائة، ولم يلبث أن قتل مروان، وانقضت دولة بني أمية.
وولى أبو العباس السفاح-أول خلفاء العباسيين-عمه داود بن علي بن عبد الله بن العباس الحرمين وغيرهما في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ولم يلبث أن مات بعد أفعال ذميمة من قتل ونحوه كما سيأتي، فاستعمل عليهما خاله زياد بن عبيد الله بن عبد المدان الحارثي، وكان على المدينة عبد الله بن الربيع الحائثي، فعزله المنصور أبو جعفر الهاشمي، وولى جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، فدام ثلاث سنين، ثم عزله بالحسن بن زيد العلوي والد السيدة نفيسة، فدام خمس سنين، ثم عزله بعمه عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وكان زيد بن الحسن والد الحسن هذا-لشرفه في بني هاشم وسنه- على صدقات آل عمر، ثم عزله بسليمان بن عبد الملك، وكذا استعمل المهدي جعفرا عليهما في سنة إحدى وستين.
وكان المنصور قد جمع لجعفر بين إمرة مكة والمدينة، فكان أول من خطب بهما في خلافة بني هاشم، ثم من بعده داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الآتي في «الأمين» ثم ابنه محمد الآتي في «المتوكل».
ولما قدم جعفر المدينة على إمرتها-وكان أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة القاضي بها للمنصور، أيام إمرة زياد بن عبيد الله الحارثي الماضي عليها معزولا محبوسا- أكرمه جعفر، وأطلقه من الحبس بإشارة المنصور، فسار إلى المنصور فأعاده.
وكذا استعمل المنصور على المدينة، بل ومكة والطائف-قيل واليمامة، بعد الثلاثين ومائة-زيادا الحارثي المذكور، وشرط عليه الفحص عن محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن، فلم يقدر على كشف خبرهما، فعزله في سنة أربعين، أو التي تليها-أو في رجب سنة اثنتين وأربعين-بمحمد بن خالد القسري، فأقام سنتين وبلغه الميل إلى آل أبي طالب، فعزله سنة أربع وأربعين وأربعمائة برباح بن حيان المري، فأرسل برباح حين بلغه عزم محمد على الخروج إلى قاضي المدينة أبي عبد الله محمد بن عمران بن القرشي التميمي، وكان قاضيا لبني أمية، ثم لبني هاشم، وإلى غيره من أهلها، وحذرهم من إخفائه فضلا عن الخروج معه، ولم يلبث أن ظهر محمد، وحبس رباحا في جماعة، إلى أن كان قتل محمد