والعربية عن والده وسمع عليه الحديث، وببيت المقدس على القاضي شرف الدين الحبتي والعلائي، وبدمشق على المزي والذهبي وداود بن العطار وابن الحبان والصدر أبي الربيع بن عبد الحكم الغماري المالكي والشمس محمد بن عرب شاه الهمداني والجمال بن الفويرة الحنفي، ومن يطول تعداده، وكذا أخذ بمصر عن جماعة وبتونس عن أبي علي عمر بن علي بن قداح الهوازي، ولقي به القاضي أبا إسحاق بن عبد الرفيع، وبفاس عن غير واحد، بل أخذ عنه بالمغرب جماعة منهم أبو العباس ......... ، وكان محدثا متقنا، ضابطا، عارفا، يضبط الحديث، وأسماء رجاله ولغته، فاضلا في الفقه والأصلين والعربية والمعاني والبيان، مستبحرا في اللغة والآداب، مشاركا في الجدل والمنطق، أقبل في آخر عمره على الاشتغال في كتب التصوف، ولزم الاشتغال بالفقه والعربية في المسجد النبوي مع وجاهة عظيمة عند أمراء المدينة، بحيث يقصد بالشفاعة عندهم فلا يردون غالبا، وله تآليف مفيدة منها: نزهة النظر ونخبة الفكر في شرح لامية العجم، وذيلها له اشتمل على لغة كثيرة وصناعة بديعة وشرح قصيدة عمرو الجني (المشتملة على المديح النبوي، والجواب الهادي عن أسئلة الشيخ أبي الهادي) أحد شيوخ القيروان في الطريقة، وهي في القرآن والسنة، وتحفة الراغبين في اختصار منازل السائرين، وشرح حديث أم زرع وقصيدة كعب بن زهير، مع تخميسه لها، وحواشي على شرح ابن الحاجب لابن عبد السلام، تكلم فيها على مالم يتكلم عليه الشارح من المتن مع تعقب على الشارح في أماكن كثيرة، انتهى فيه إلى الحج، وله في العربية تفانيد مختصرة وشعر كثير في غاية الجودة، مات في يوم الجمعة ثالث عشرى جمادي الثاني سنة ست وأربعين وسبعمائة، وهو ممن في الدرر لشيخنا، وقرأ الدلائل للبيهقي في رمضان سنة خمس وأربعين على السراج الدمنهوري بالروضة، والصحيحين على الجمال محمد بن أحمد بن خلف المطري وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم المؤذن، وبقراءته سمعهما أبو عبد الله بن مرزوق، وكذا سمع ابن مرزوق بقراءته أيضا على العلم القسم البرزالي حين قدومه المدينة أجرا، وصف في إجازة لولده ابن جابر الأندلسي فيما كتبه رفيقه أبو جعفر الرعبني عنه: بالشيخ العالم، العلم، الإمام، الأديب، البارع، اللغوي، مجموع الفضائل، وذكره أخوه البدر فكناه أبا القسم وجعل سنة مولده سنة ثمان، وقال: كان على كنيته واسمه من العلو والدين مع ما حوى من علمي الفقه والأصول والعربية والحديث واللغة والمعاني والبيان والآداب، والمشاركة العظيمة في سائر العلوم حتى بلغ في العلوم الأدبية النهاية، إن قلت: لم يكن في زمانه بالمدينة والحجاز من برع براعته ولا ساد سيادته فشهادة حق علمها كل الخلق ممن جل ودق، كان يلقي درس الفقه في مختصر ابن الحاجب، فيحضره الشيخان الحاحائي وعبد السلام بن غلاب الماضي ذكرهما، وهما من الفقه