للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل الرباني العالم الذي يعمل بعلمه، وقيل العالم بالحلال والحرام والأمر والنهي، وقيل الجامع بين علم البصيرة والسياسة.

ولما مات ابن عباس قال محمد بن الحنفية اليوم مات رباني هذه الأمة، وقيل هو ولاة الأمر والعلماء، وقال أبو عبيدة أحسب أن هذه الكلمة عبرانية أو سريانية.

(بما كنتم تعلمون الكتاب) بالتخفيف والتشديد، قال مكي التشديد أبلغ لأن العالم قد يكون عالماً غير معلّم فالتشديد يدل على العلم والتعليم، والتخفيف إنما يدل على العلم فقط، ويؤيد الأولى (وبما كنتم تدرسون) بالتخفيف.

والحاصل إن من قرأ بالتشديد لزمه أن يحمل الرباني على أمر زائد على العلم والتعليم، هو أن يكون مع ذلك مخلصاً أو حكيما أو حليماً حتى تظهر السببية، ومن قرأ بالتخفيف جاز له أن يحمل الرباني على العالم الذي يعلّم الناس، فيكون المعنى كونوا معلمين بسبب كونكم علماء، وبسبب كونكم تدرسون العلم.

وفي هذه الآية أعظم باعث لمن علم على أن يعمل، وإن من أعظم العمل بالعلم تعليمه والإخلاص لله سبحانه، والدراسة مذاكرة العلم والفقه، فدلت الآية على أنّ العلم والتعليم والدراسة توجب كون الإنسان ربانياً فمن اشتغل بها لا لهذا المقصود فقد ضاع علمه وخاب سعيه (١).


(١) روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من مؤمن ذكر ولا أنثى حرّ ولا مملوك إلا ولله عز وجل عليه حق أن يتعلم من القرآن ويتفقه في دينه -ثم تلا هذه الآية- ولكن كونوا ربانيين " الآية.
رواه ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>