(ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين) ذكر الزجاج في معنى هذا وجهين: أحدهما أن معناه خلينا بين الكافرين وبين الشياطين فلم نعصمهم منهم ولم نعذهم، بخلاف المؤمنين الذين قيل فيهم:(إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) الوجه الثاني: أنهم أرسلوا عليهم وقيضوا لهم بكفرهم كما قال: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً) فمعنى الإرسال هنا التسليط، ومن ذلك قوله سبحانه لإبليس:(واستفزز من استطعت منهم بصوتك).
ويؤيد الوجه الثاني تمام الآية وهو قوله:(تؤزهم أزاً) فإن الأز والأزيز والهز والهزيز والاستفزاز أخوات معناها التحريك والتهييج وشدة الإزعاج فأخبر الله سبحانه أن الشياطين تحرك الكافرين وتهيجهم وتغريهم وتغريهم على المعاصي بالتسويلات وتحبيب الشهوات، وذلك هو التسليط لها عليهم.
وقيل معنى الأز الاستعجال وهو مقارب لما ذكرنا لأن الاستعجال تحريك وتهييج واستفزاز وإزعاج، وسياق هذه الآية لتعجيب رسول الله صلى الله عليه وسلم من حالهم وللتنبيه على أن جميع ذلك بإضلال الشياطين وإغوائهم، والجملة حالية من الشياطين، أو من الكافرين أو منهما أو مستأنفة، كأنه قيل ماذا تفعل الشياطين بهم؟.
قال ابن عباس: تؤزهم أزاً تغويهم إغواء، وتحرض المشركين على محمد وأصحابه وقال: تزعجهم إزعاجاً إلى معاصي الله، وفي الآية دليل على أن الله مدبر لجميع الكائنات